استقل «علي الصحبي» مطلع هذا الأسبوع سيارته باتجاه مكةالمكرمة لتسلم وثيقة التخرج من قسم اللغة الإنكليزية بعد رحلة طويلة من الدراسة فيها بنظام الانتساب، وقبل ذلك كان طالباً بالمرحلتين المتوسطة والثانوية بنظام الدراسة الليلية وأتمهما بنجاح. ويبلغ علي عقده الخامس قريباً، يعمل في وظيفة إدارية بإحدى مدارس المنطقة بمؤهل متواضع لا يتجاوز شهادة الصف السادس الابتدائي التي حصل عليها قبل سنوات طويلة، توقف بعدها عن استكمال الدراسة وآثر الالتحاق بالسلك العسكري ولكنه لم يواصل كذلك، وعاد لمسقط وأسه بحثاً عن عمل يعينه على الاستقرار وشق طريق المستقبل البسيط والسهل. وبعد استقراره الوظيفي إلى حد ما، أغرته سهولة الانضمام لبرنامج الدراسة الليلية ونظام الانتساب إلى مضاعفة مؤهله التعليمي وإحراز النقاط الوظيفية، وبدأ في رحلة طويلة من الدراسة والإلحاح في طلبها منذ زرعت هذه الفكرة في رأسه، وحتى نهايتها هذا الأسبوع بوثيقة التخرج. قصة تبدو جميلة وملهمة للوهلة الأولى، ولكنها تعبر عن وضع تحفه التساؤلات والملاحظات. تذكّر هذه الأيام التي يقبل فيها الطلاب في السعودية على اختبارات نهاية العام بكل مراحل التعليم العام والعالي بمسألة برامج الانتساب والدراسة الليلية التي توفرها المدارس والجامعات. وسبق أن سجلت جامعة سعودية ذات عام حصولها من أثر رسوم برنامج الانتساب على ما يقرب من بليوني ريال، فيما تنافست جامعات أخرى في استثمار الإقبال على الانتساب لزيادة مداخيلها بعد أن تحول إلى صناعة كبيرة تدر الكثير من المال. كما واجهت ثلاث جامعات سعودية حقيقة ارتفاع عدد طلابها من الانتساب إلى ضعف عدد طلابها في الانتظام، وكان النصيب الأكبر في السعودية لجامعة الملك فيصل، إذ بلغت نسبة طلاب الانتساب لديها 56 في المئة من مجموع المسجلين لديها. وتأتي برامج «التعليم عن بعد» كفكرة مطورة من الانتساب، وتلزم الطلاب بحضور جزء من المحاضرات عبر البث على الإنترنت، وتسليم واجبات ومشاريع بشكل شبه أسبوعي للمنتسبين إليها، فيما يجري التوجه تقريباً إلى محاصرة تنتهي بإلقاء الانتساب البحت المعتمد على الاختبارات النهائية فقط، وهو ما أحدث إشكالات عدة من اعتماده وفتح الباب له على مصراعيه. وكان دار لغط كبير بعد ما نقل عن وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى قوله إنه غير مقتنع بأن خريجي الانتساب يصلحون للتعليم وإن طالبي العمل من المنتظمينُ كثر وهم أولى بالعمل من خريجي الانتساب. وأضافت المصادر أن العيسى خاطب خريجي الانتساب خلال لقاء معهم بأنه سيخاطب جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة الملك فيصل لإيقاف الدراسة بنظام الانتساب، وستتم تباعاً مخاطبة بقية الجامعات، وذلك لعدم قناعته بالمخرجات.