عادت أزمة الشغور الرئاسي في لبنان إلى دائرة الضوء، على رغم انشغال اللبنانيين بالانتخابات البلدية، من خلال اجتماع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري بعد ظهر أمس في باريس، في سياق الجهود الفرنسية والدولية للمساعدة على معالجة الأزمة السياسية اللبنانية وإنهاء الشغور الرئاسي الذي يبلغ عمره سنتين بالتمام بعد 6 أيام. وأعلن الحريري بعد اللقاء الذي دام قرابة الساعة أن هولاند حريص جداً على إنهاء الفراغ الرئاسي، وأنه تناول معه مدى تأثيره في الاقتصاد اللبناني وعمل مؤسسات الدولة، مشيراً الى أن الوضع الاقتصادي بلغ مراحل خطرة للغاية لأن النمو اليوم هو ما دون الصفر. وقال الحريري رداً على سؤال عن اقتراح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي على هولاند حين التقاه قبل أيام ضرورة أن يحصل اجتماع بين زعيم «المستقبل» وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في شأن الرئاسة أن «لا مشكلة لدي في اللقاء مع العماد عون، لكن يجب أن نحدد هدف اللقاء. نحن لدينا مرشح هو النائب سليمان فرنجية ونكنّ للعماد عون كل الاحترام والمحبة». وسأل ما «إذا كان الهدف من لقاء عون أن نقتنع به كمرشح رئاسي». وأضاف: «هناك حلفاء له في 8 آذار يجب أن يتباحثوا في ما بينهم للتوصل إلى الحل، لا أن يتحدثوا مع سعد الحريري لإقناعه بهذا الحل». وقال إن «تعطيل الرئاسة سببه «حزب الله» والعماد عون وكل اللبنانيين يدفعون ثمنه». وأوضح مصدر فرنسي متابع للمحادثات أن البحث تناول اقتراح الراعي وأن الحريري أطلع هولاند على اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري تنظيم انتخابات نيابية قبل الرئاسية، للخروج من التعطيل، وذكر المصدر أن الحريري أوضح أنه متمسك بالديموقراطية في لبنان. لكن الحريري شدد في تصريحه على أن إنهاء الفراغ الرئاسي هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد للتدهور في المؤسسات. وجاء لقاء هولاند والحريري عشية الجولة التاسعة عشرة من الحوار الوطني برئاسة بري اليوم التي ينوي فيها الأخير اقتراح إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين الحالي، في حال تعذر اتفاق اللجان النيابية المشتركة على قانون انتخاب جديد قبل انتهاء الدورة العادية للبرلمان آخر الشهر الجاري، على أن يسبقها تقصير ولاية البرلمان الممدد له حتى ربيع عام 2017. وكان السفير الفرنسي في بيروت إيمانويل بون واصل جولته على المسؤولين والقادة السياسيين تحضيراً لزيارة وزير الخارجية جان مارك إرولت بيروت في 27 الجاري تحضيراً لاجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي أمل بأن يُعقد في بيروت، للبحث في المساعدة على معالجة الأزمة السياسية اللبنانية وانتخاب رئيس للجمهورية. ونفى بون بعد اجتماعه مع وزير المال علي حسن خليل ما نسب إليه عن أن هدف زيارة إرولت التحضير لمؤتمر دولي من أجل البحث في حلول للأزمة اللبنانية، مشيراً إلى سوء فهم حصل وأن المقصود هو اجتماع لمجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان التي ترعاها الأممالمتحدة (تألفت عام 2013). وذكّر بون بتصريحات هولاند حين زار لبنان قبل شهر وشدد فيها على أنه يعود للأطراف اللبنانيين أن يتفاهموا على حل الأزمة اللبنانية. وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ل «الحياة» إن السفير بون كان طرح فكرة المؤتمر الدولي، واستمزج آراء بعض القيادات حول إمكان دعوة فرنسا الفرقاء اللبنانيين إلى الاجتماع في فرنسا على غرار الاجتماع الذي رعته عام 2007، للتباحث في حلول للأزمة آنذاك، إلا أنه عدل عن الفكرتين بعدما سمع ملاحظات ونصائح من فرقاء لبنانيين. وقالت المصادر إن الظروف الخارجية غير ناضجة بعد لمؤتمر دولي، فضلاً عن أن الفرقاء يتحاورون في إطار هيئة الحوار الوطني. وعلى صعيد آخر، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس، بياناً توضحياً إزاء اللغظ الدائر حول تعميم المصرف في شأن آلية تطبيق قانون مكافحة تمويل «حزب الله» دولياً الصادر عن الكونغرس الأميركي، الذي كانت كتلة نواب الحزب انتقدت مصرف لبنان «لانصياعه إلى الانتداب النقدي الأميركي على لبنان». وأشار سلامة في بيانه إلى أن «التعميم الرقم 137 يريح المصارف المراسلة ويؤكد ملاءمة العمل المصرفي مع ما هو مطلوب دولياً». وأوضح أنه «لا يمكن تأمين الاستقرار التسليفي إذا لم يطبق القانون الأميركي، ولو لم نفعل ذلك لكان بإمكان المصارف المراسلة (مع المصارف اللبنانية) تطبيق سياسة التقليص من المخاطر، فيصبح قطاعنا المصرفي معزولاً عن العالم». وقال إن التعميم الصادر حول تنفيذ القانون الأميركي ينص على تبرير إقفال أو عدم فتح حساب، لهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، التي يحق لها دون غيرها، وفق القانون، الاطلاع على الحسابات الدائنة والمدينة. على أن ينتظر المصرف المعني رداً من الهيئة الخاصة قبل إقفال الحساب خلال 30 يوماً، وإلا يتصرف على مسؤوليته. وكان «حزب الله» اعترض على إقفال مصرفين حسابات لاثنين من نوابه ولأحد أقارب نائب سابق.