وصلت أمس المفاوضات اليمنية الدائرة في الكويت منذ نحو أربعة أسابيع إلى طريق مسدود من جديد، بعدما انسحب الوفد الحكومي من الجلسة الصباحية وأعلن تعليق مشاركته في الجلسات المباشرة مع وفد الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي صالح احتجاجاً على ما وصفه ب «تراجع وفد الانقلابيين عن الإقرار بمرجعيات المفاوضات بما فيها قرار مجلس الأمن 2216». فيما أكد المتحدث باسم الحوثيين ورئيس وفدهم إلى المشاورات محمد عبدالسلام أن التواصل مع السعودية ما زال مستمراً. في غضون ذلك، واصلت العملة اليمنية (الريال) انهيارها المفاجئ الذي أفقدها خلال أيام نحو 30 في المئة من قيمتها. وشهدت أسعار السلع الرئيسة في صنعاء ومدن أخرى، نتيجة ذلك، ارتفاعاً غير مسبوق واختفت المشتقات النفطية في شكل مفاجئ وزادت أسعارها إلى الضعف، وسط هلع متصاعد بين المواطنين ومخاوف من انهيار كلي لاقتصاد البلاد. وفيما هدد أعضاء في الوفد الحكومي بالانسحاب النهائي من المفاوضات، علمت «الحياة» من مصادر مطلعة أن كلاً من سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ ومسؤولين في الخارجية الكويتية بدأوا إجراء اتصالات مع الوفد في مساع لإنقاذ المفاوضات من الانهيار. من جهة أخرى، رحب الناطق باسم الحوثيين ورئيس وفدهم إلى المفاوضات محمد عبدالسلام بالتصريحات الأخيرة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، واصفاً إياها بالإيجابية، وقال إن التواصل مع السعودية لا يزال مستمراً. وأضاف في حديث إلى «الحياة» إن تصريحات الجبير مرحب بها في إطار الحلول والمعالجات السياسية وتمنى أن يتحول الموقف إلى إطار عملي موجود على الأرض لدعم السلام. وفي شأن مفاوضات الكويت، حمّل عبدالسلام وفد الحكومة اليمنية المسؤولية عن العرقلة على حد تعبيره، وقال: دخلنا الجلسة (أمس) ووضعت الأممالمتحدة أربع نقاط للنقاش: الجانب العسكري والأمني والجانب السياسي والضمانات السياسية، وتمت مناقشة الجانب العسكري ومسألة قرار التشكيل، فالطرف الآخر يرى أن يشكلها عبدربه منصور هادي، ونحن نرى أن تشكل بعد أن نعرف ما هي الضمانات، فمن غير الصحيح أن نذهب لتشكيل السلطات العسكرية من دون أن نعرف ما سيحدث في التوافق السياسي. وعن الاتفاق الذي تم في شأن الإفراج عن المعتقلين، أكد عبدالسلام أنهم متمسكون بأي اتفاق حصل وهذا أمر مفروغ منه على حد تعبيره. واستطرد: لكن هذا يعود لإرادة الطرف الآخر، إذا كان يريد حواراً وتنازلاً من الجميع سنصل إلى حل، وإذا كان يريد أن نعطيه ما يريد من دون أن يعطي أي استحقاق أعتقد أن هذا سيكون صعباً. الموقف الحكومي وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي ورئيس الوفد الحكومي في تصريحات رسمية أعقبت انسحاب الوفد من الجلسة الصباحية أن الانسحاب «جاء رداً على تراجع وفد الميليشيا الانقلابية الحوثي وصالح عن الإقرار بالمرجعيات وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2216». ولاحقاً، أصدر الوفد بياناً رسمياً قال فيه إنه قرر» تعليق مشاركته في المشاورات ومنح مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة فرصة جديدة لمواصلة جهوده لإلزام وفد الانقلابين بالمرجعيات المتفق عليها. وأضاف الوفد أن مواقفه اتسمت بالمرونة طيلة المشاورات مقابل المواقف المتعنتة لوفد الحوثيين وصالح. واتهم وفد الحكومة اليمنية ميليشيا الحوثيين وقوات صالح بالاستمرار»في تدمير المؤسسات مما أدى إلى وضع اقتصادي وإنساني كارثي بسبب النهب المباشر من الاحتياط النقدي والذي وصل إلى أكثر من أربعة بلايين دولار خلال عام واحد». ميدانياً، أفادت مصادر الجيش الوطني والمقاومة بأن ميليشيا الحوثيين وقوات صالح واصلت خرق اتفاق وقف النار في تعز ومأرب ونهم والجوف والبيضاء، وقالت إن 10 متمردين على الأقل قتلوا في صد هجوم لهم في جبهة نهم شمال شرقي صنعاء. وفي محافظة البيضاء، أكدت المصادر اندلاع معارك عنيفة بين رجال المقاومة الشعبية من جهة، ومسلحي الحوثيين وقوات صالح من جهة أخرى، في منطقة «قيفة» القبلية القريبة من مدينة رداع غرب المحافظة.