بعدما لطخت فضيحة الفساد المرتبطة بشركة «بتروبراس» الوطنية للنفط، سمعة قسم كبير من الطبقة السياسية في البرازيل، وأطاحت الرئيسة ديلما روسيف الخميس الماضي في انتظار انتهاء محاكمتها في الفضيحة، ضمت التشكيلة الحكومية للرئيس الموقت ميشال تامر وزراء يواجه عدد منهم مشكلات مع القضاء. كما أعطى فريق تامر الانطباع بالعودة الى وراء، إذ افتقد التنوع في بلد سكانه حوالى 204 ملايين شخص، واستبعد النساء «بسبب ضيق الوقت»، وكذلك السود والشخصيات القريبة من الطبقات الفقيرة. وضمت الحكومة ايضاً نواباً سابقين، علماً أن المؤسسة البرلمانية لا تحظى بصدقية لدى البرازيليين في ظل مواجهة 60 في المئة من أعضائها مشكلات مع القضاء. لكن هؤلاء ونظراءهم في مجلس الشيوخ ساهموا في تجميد مهمات روسيف ووصول تامر الى سدة الرئاسة موقتاً بعدما كان نائباً لها. ودفع ذلك الرئيسة الى وصف تامر بأنه «خائن»، معتبرة أن حكومته «غير شرعية، وتعاني مشكلة في التمثيل، لذا ستحتاج دائماً الى آليات غير شرعية للحفاظ على نفسها». لكن الحكومة الجديدة التي تعتمد على وزراء ينتمون الى 11 حزباً من أجل ضمان دعم برلماني واسع لإجراءات «غير شعبية» بينها تطبيق تقشف اقتصادي، وإصلاح نظام التقاعد وقانون العمل، وزيادة الضرائب موقتاً «اذا لزم الأمر»، تعهدت انتهاج سياسة مختلفة تماماً. وقال رئيس ديوانها اليسو بادجيا: «انتهينا من الفساد ونرحب بالفاعلية» المرتبطة، للمرة الأولى منذ عودة الديموقراطية الى البرازيل عام 1985، بوزراء من الذكور البيض المحافظين الذين تثق بهم الأسواق. وفي انتظار النتائج، ستكون مهمة إثبات النزاهة أكثر صعوبة لأن اسماء ثلاثة وزراء على الأقل وردت في التحقيق في ملف «بتروبراس»، بينهم روميرو جوكا الوزير المكلف شؤون التخطيط. كما خضع ثلاثة وزراء آخرين الى التحقيق، وهناك وزيران هما نجلا شخصيتين سياسيتين متورطتين في الفضيحة. وتعتبر منظمة «غرينبيس» وزير الزراعة بليرو ماجي أحد أكبر المسؤولين عن التصحر في الأمازون، فيما يُتهم وزير العدل الكسندر دي موريس بالوقوف خلف انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها رجال الشرطة في ساو باولو، خلال توليه قيادتهم، وبينها استخدام «كتائب الموت» للتصدي للعصابات. ووصفت صحيفة برازيلية دي موريس بأنه «الشخص الأشرس في فريق تامر»، علماً انه سيتولى أيضاً حقوق المرأة والمساواة بين الأعراق. ودان فنانون مثل الموسيقي شيكو بواركي والممثل فاغنر مورا إلغاء حقيبة الثقافة معتبرين انه «تراجع كبير». لكن الحكومة لم تتأثر بردود الفعل المنددة بتركيبتها. وتوقع الرئيس الموقت تامر البقاء في منصبه حتى الانتخابات المقبلة التي يفترض ان تنظم نهاية 2018، ووعد بإعادة البلاد «الى مسارها الصحيح». وفيما واجهت الحكومة الجديدة اتهامات من اتحاد دول اميركا الجنوبية وفنزويلا وكوبا وبوليفيا بنشر «أكاذيب» في شأن شرعية اجراءات إقصاء روسيف، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما والأمم المتحدة وعدد من حكومات اميركا الجنوبية الى الهدوء واحترام المؤسسات في البرازيل. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست: «لا يزال الرئيس أوباما يثق في متانة المؤسسات البرازيلية». أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فدعا الى «الهدوء والحوار داخل كل مكونات المجتمع». وأكدت وزارة الخارجية الكولومبية أن «استقرار البرازيل مهم جداً لكل المنطقة بسبب تأثيرها ودورها القيادي»، داعية الى الحفاظ على «المؤسسات الديموقراطية»، في حين أبدت الإكوادور وتشيلي وإسبانيا قلقها من الوضع في ذلك البلد.