المحادثات الثنائيّة في دمشق بين الرئيسين، الروسي ديمتري ميدفيديف ونظيره السوري بشار الاسد، هي أبرز منعطفات السياسة الخارجية الروسيّة هذا العام. فالاجتماع أبلغ واشنطن والعواصم الاوروبية ان موسكو لن تتخلى عن اوراقها القديمة في الشرق الأوسط، وأنها مقبلة على تحويل سورية إيران ثانية. ولفتت الزيارة، ومناقشتها بند التعاون النووي، أنظار المراقبين. والبند هذا يميط اللثام عن خطط الكرملين، وتخليه عن دعم السلام بالشرق الأوسط. ويُحتمل أن تموّل إيران إنشاء محطة طاقة نووية في سورية. وتسانده هذه المنظمات مثل «حزب الله» و «حماس». وقد تتصدر المحطة أولويات ايران. فتعمد طهران الى مساعدة أبرز حلفائها على الحصول على التكنولوحيا النووية، وتهديد اسرائيل والجيران العرب بها. وتفعيل برنامج إيران النووي هو ثمرة ابرام عقد بناء محطة بوشهر مع روسيا. والى اليوم، لم تتبدد الشكوك حول دور موسكو في نقل التكنولوجيا النووية الحسّاسة الى إيران. وعلى رغم أنّ واشنطن أصابها الدوار جراء تصويت روسيا في مجلس الأمن على فرض عقوبات تافهة في حق إيران، ينبغي ألا يُستهان بمسؤولية الكرملين عن بلوغ الأزمة النووية الإيرانية المطاف الذي بلغته. وبرِع الكرملين في توسل ايران ورقة ضغط على واشنطن. فصفقات منظومات «اسكندر» أو «إس 300» هي رد على نشر نظام الدفاع الصاروخي بأوروبا الشرقية والوسطى. واستغلّت موسكو تعاونها النووي مع طهران في سبيل حمل البيت الأبيض على التوقيع على معاهدة «ستارت 3»، كفّ واشنطن توجيه سهام النقد الى السياسة الداخليّة الروسيّة. والمفاوضات مع نظام الأسد لبناء محطات طاقة نووية مستمرة على قدم وساق. ولم تحتسب موسكو محاولة دمشق، من طريق التعاون مع طهران وبيونغ يانغ، البدء ببناء منشأة نووية، في 2007. وأقدمت اسرائيل على تدمير المنشأة، وتحقيق الوكالة الذريّة الدولية لم ينجز. ولا جدوى من رهن موسكو المباشرة ببناء محطة الطاقة النووية في سورية بتوقيع دمشق على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. فدمشق نقلت أسلحة، منها السلاح المضاد للدبابات الروسي «فاغوت»، الى «حزب الله»، في حرب لبنان الثانية. ولا أحسِب أن ثمة من يمكنه ضمان ألا تصدّر التكنولوجيا النووية إلى الخارج، أو تنقل الى «حزب الله». ولا بدّ ان تهب عاصفة من الاحتجاج من البيت الابيض والاوروبيين، تعقيباً على مفاوضات إنشاء معمل الطاقة النووية بسورية، وأن يترتب عليها اجراءات صارمة ضد الكرملين. ولكن شيئاً من هذا لم يحصل بَعد. * معلق، عن موقع «يجيدنيفني جورنال» الالكتروني الروسي، 16/6/2010، اعداد علي شرف الدين