استبشر مثقفون بتشكيل الهيئة العامة للثقافة، وعبّروا عن أملهم بأن تتبنى مواضيع الثقافة المؤجلة منذ عقود، وعلى رأسها تأسيس رابطة للكتاب والمثقفين. الكاتب فاضل العماني يقول ل«الحياة»: «طال انتظارنا لهذه الهيئة، لتعيد للثقافة قيمتها ومكانتها ودورها في المجتمع، بعد عقود من التأرجح واختلاط الأدوار والوظائف، وتفشي البيروقراطية العقيمة، وتمدد المحسوبية والشللية، وتغول الفساد في الكثير من تفاصيلها، تنتظرها حزمة طويلة وكبيرة من الطموحات والتطلعات والإصلاحات، والتغييرات الكبرى، التي يجب أن تطاول غالب مؤسساتها ومراكزها وهيئاتها وفعالياتها المختلفة». ويضيف العماني: «المثقفون والأدباء والمهتمون في الشأن الثقافي، يعلقون الآمال العريضة على هذه النقلة النوعية، التي يجب أن تترسخ وتتجذر، لأنها بداية لمرحلة تصحيحية تأخرت كثيراً، للوصول إلى قناعة من كل فئات وشرائح ونخب المجتمع، مفادها أن الثقافة عنصر مهم في برنامج التحول الوطني، الذي بشر برؤية السعودية 2030». ويتابع: «الهيئة الجديدة، تنتظرها استحقاقات مؤجلة، كثيرة وكبيرة، منها توطين عدد من الفنون، كالمسرح والسينما والموسيقى والدراما وغيرها، لتكون مؤثرة وفاعلة، في مجتمع يُمثل الشباب غالبيته الساحقة، وكذلك لأجل مواجهة مظاهر العنف والتطرف والتشدد، لأن تمظهر الفنون بأنواعها في المجتمع يُسهم في زيادة الوعي والتحضر والتسامح». وقال: «أيضاً، الهيئة في حلتها الجديدة، وفي هذا العصر الذي تسيطر عليه وسائل ووسائط التقنية والإعلام الجديد، بحاجة ضرورية إلى تمكين الشباب من مفاصل ومراكز الفعاليات والبرامج الثقافية، ليشاركوا في صنعها واختيارها وممارستها، بعد عقود طويلة من مجرد اعتبارهم مستهلكين ومستهدفين». واستطرد: «كذلك، تنتظر الهيئة مواجهة كبيرة مع عرّابي التيار المحافظ، الذين سيحاولون بكل ما يستطيعوا عرقلة مساعي التطوير والتحديث لمنظومة الثقافة الوطنية، بدواعٍ واهية وتخوفات مفتعلة». وزاد: «المرأة والثقافة في وطننا، علاقة محفوفة بالمخاطر والشكوك والترصد، فعلى رغم ما وصلت إليه المرأة السعودية من مكانة عالية جداً في الكثير من المجالات والقطاعات، إلا أنها في الوسط الثقافي الوطني لا تحظى بالتقدير والمكانة والقناعة التي تستحقها». وواصل: «كثيرة هي الآمال والأحلام والطموحات التي يحملها المثقفون، بعد استقلال بيتهم الثقافي، الذي يمثل مشروعهم التنويري والنهضوي، الذي يراهنون عليه لجعل الثقافة صدى حقيقياً لواقع هذا الوطن الرائع». أما نائب رئيس النادي الأدبي في حائل القاص رشيد الصقري فاعتبر صدور الأمر الملكي بإنشاء الهيئة العامة للثقافة منسجماً مع «رؤية المملكة 2030»، وما تشمله من تحقيق أهداف الرؤية، وامتداداً للارتقاء بالثقافة السعودية، وخدمة المثقفين والأدباء والفنانين والمبدعين، في شتى المجالات السردية والشعرية والبصرية والمسرح والسينما وإبراز تراث المملكة وموروثها الشعبي المتنوع والغني. و«الهيئة»، في رأي الصقري، تحقق حلم المثقفين بإنشاء هيئة عامة للثقافة، تمنح الحراك الثقافي تفاعلاً إيجابياً وتبرز إنتاج المثقفين والأدباء، وتدعم الشباب والنشء بفرص للمشاركة والإنتاج، وتسجل حضوراً دولياً، مستفيدة من الشراكة مع المؤسسات الحكومية والأهلية، وتخلق بيئة جاذبة للمستثمر والداعم للثقافة، وتعطي المؤسسات الثقافية مزيداً من المرونة في الصلاحيات، التي تنعكس على سرعة ونوعية الفعاليات المقدمة. من جانبه، اعتبر أستاذ الأدب والنقد في جامعة الطائف عالي القرشي أن القرارات الحكومية تأتي تنفيذاً لرؤية «المملكة 2030»، وأنها لبّت كثيراً من حاجات إنسان هذه البلاد، الذي كان ينادي بها في مطالبه. ورأى القرشي أن إنشاء هيئة عامة للثقافة يخفف كثيراً من غلو البيروقراطية، وارتباط العمل الثقافي بتفكير شخص واحد، وأن «الهيئة» تعطي عقلية مؤسسية جماعية لا ترتهن لظروف محددة ولا غياب وزير أو حضور فريق عمل معين، وأكد أن إنشاء «الهيئة» استجابة لإلحاح قديم سبق وطالب به المثقف السعودي، وطالب القرشي بتكوين رابطة ثقافية للأدباء، وتمنى التوفيق والسداد لمن يضطلع بهذه المسؤوليات. كما طالب الشاعر جاسم الصحيح هيئة الثقافة، بإنشاء ثقافة وطنية، وأخرى إنسانية وعالمية، ومحاولة نقل الثقافة إلى الشارع والبيوت والمدارس والمسارح وكل مكان يمكن بلوغه. وأضاف الصحيح: «أعتقد أن الثقافة بمقدورها إعادة خلق الإنسان بتقويم أجمل وأكمل، ولذا فمن المطلوب من هيئة الثقافة الاهتمام بصناعتها، لأن الثقافة صناعة، عبر بناء خطة خمسية أو لعشر سنوات يعمل من خلالها على تنفيذ أهداف الخطة الآنية وأخرى استراتيجية تستغرق فترات». ودعا الصحيح إلى تنظيم رابطة للمثقفين والأدباء والشعراء، وإقامة مراكز ثقافية جادة، وتطوير تجربة انتخابات الأندية الأدبية، وتشييد المسارح التي تختص بها هيئة الثقافة أكثر من الترفيه، لأن المسرح باعتباره «أبو الثقافة»، حتى وإن كان له جانب ترفيهي، ولكنه جزءاً أصيلاً من الثقافة. واختتم بضرورة النظر إلى تجارب الجيران العرب في بناء اتحادات الكتاب، في ظل ما ينتظر هيئة الثقافة من واجبات كبيرة تحتاج إلى دراسة متروية ومركزة للبدء بها.