طهران، بروكسيل، موسكو - أ ب، رويترز، أ ف ب - شدد الاتحاد الأوروبي حصاره على إيران، بعد ساعات فقط من إجراءات مماثلة اتخذتها الولاياتالمتحدة، إذ أقرّ فرض عقوبات إضافية تستهدف قطاعي النفط والغاز و»الحرس الثوري»، في ما اعتبرته طهران «موقفاً عدائياً جديداً» مؤكدة أنها «سترد بالمثل». وأثار القراران الأميركي والأوروبي «خيبة أمل بالغة» لدى روسيا التي حذرت من أن ذلك قد يؤثر على «التعاون المشترك» مع الغرب في شأن الملف النووي الإيراني. لكن الولاياتالمتحدة اعتبرت أن تأييد روسيا القرار 1929 يؤكد أنها «تقف معها وتشاركها قلقها» إزاء إيران. وتركّز الإجراءات الأوروبية التي يُفترض أن يقرها نهائياً وزراء خارجية دول الإتحاد أواخر تموز (يوليو) المقبل، بعد مراجعتها من جانب خبراء حكوميين، على التجارة، بما في ذلك البضائع ذات الاستخدام المزدوج والمصارف والتأمين وقطاع النقل البحري والجوي الإيراني، إضافة إلى النفط والغاز. كما تشمل فرض قيود جديدة على منح تأشيرات الى قادة «الحرس الثوري»، وتجميد أصولهم المالية. وأعلن قادة دول الاتحاد خلال قمة عقدوها في بروكسيل، أن العقوبات على قطاع الطاقة ستحظّر «الاستثمارات الجديدة والمساعدة الفنية ونقل التكنولوجيا والمعدات والخدمات التي تتعلق بهذه المجالات، خصوصاً تلك التي تتعلق بالتكرير وتكنولوجيا الغاز الطبيعي المسيل». واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون هذه الإجراءات «مهمة في شكل لا يُصدق»، فيما حرص وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد، على التأكيد أن الاتحاد يريد «الإبقاء على الخيارات الديبلوماسية». وجاءت الإجراءات الأوروبية بعد ساعات على توسيع الولاياتالمتحدة العقوبات التي تفرضها على أفراد ومؤسسات إيرانية مرتبطة ب «الحرس الثوري» الذي يُشتبه في إشرافه على البرنامجين النووي والصاروخي، من بينهم وزير الدفاع أحمد وحيدي وقائد «الحرس» محمد علي جعفري ومحمد رضا نقدي قائد ميليشيات «الباسيج» (متطوعي الحرس). وقال مسؤول أميركي ل «الحياة» أن واشنطن تأمل في «أن تؤدي العقوبات على إيران إلى إعادة حساباتها والوفاء بالالتزامات الدولية»، كما تمنى أن تقبل إيران «دعوة الدول الست إلى الحوار حول برنامجها النووي». وأثارت العقوبات الأميركية والأوروبية الإضافية غضب موسكو، إذ قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي: «نشعر بخيبة أمل بالغة لعدم استجابة الولاياتالمتحدة أو الاتحاد الأوروبي دعواتنا بالامتناع عن اتخاذ خطوات مماثلة». واعتبر أن سعي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وضع نفسيهما «فوق مجلس الأمن، غير مقبول»، مضيفاً: «سنستخلص بعض النتائج من ذلك، بما في ذلك حول آفاق التعاون المشترك». وحذر من أن التدابير الأحادية «ليست مضرّة فقط، بل تعوق أيضاً أسس التعاون مع شركائنا في إطار الدول الست ومجلس الأمن». لكن ريابكوف جدد التأكيد على أن العقوبات التي فرضها مجلس الأمن تمنع بلاده من تنفيذ صفقة تزويد طهران أنظمة صاروخية مضادة للطائرات روسية الصنع من طراز «أس-300». وفي طهران، اعتبر رئيس البرلمان علي لاريجاني الإجراءات الأوروبية «موقفاً عدائياً جديداً»، مؤكداً أن بلاده «سترد بالمثل». وقال: «عليهم أن يحذروا، لأن تراب إيران سيدخل في عيونهم». واتهم الولاياتالمتحدة ب «توريط» الأوروبيين لمعاداة طهران، وب «زرع الرعب في قلوبهم من الصواريخ الإيرانية، فيما أنها لم تكن أبداً موجهة إليهم». وذكّر ب «المصالح المشتركة للاتحاد الأوروبي مع منطقتنا». أما وزير الدفاع أحمد وحيدي فقلّل من أهمية العقوبات على بيع إيران أسلحة، قائلاً: «لسنا في حاجة إلى السلاح، بل لدينا القدرة على تصديره». وفي واشنطن، أكدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن توقيع معاهدة «ستارت-2» لخفض الأسلحة النووية وتحسين العلاقة بين واشنطنوموسكو «ساعدا إلى حد كبير في تقريب الموقف من إيران وزاد من عزلتها»، كما أدى إلى «تجميد موسكو بيع طهران أنظمة الصواريخ» من طراز «أس-300» وتأييد الكرملين قرار العقوبات. وشددت كلينتون في جلسة استماع أمام الكونغرس مع وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس الأركان الأميرال مايك مولن ووزير الطاقة ستيفن تشو، على أن توقيع «ستارت-2» وبناء الثقة بين الكرملين والبيت الأبيض «أعطيا واشنطن قاعدة أفضل للحديث عن إيران مع روسيا»، مشيرة إلى أن «عملية إقناع روسيا بأن إيران تسعى إلى امتلاك سلاح نووي أخذت وقتاً، لكن روسيا تقف معنا وتشاركنا قلقنا، والنتيجة كانت في مجلس الأمن (تأييد موسكو قرار العقوبات)». وحذر غيتس من أن الفشل في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، سيعني «انتشار الخطر الصاروخي العام 2020»، إذ «سيطلق سباق تسلح في المنطقة».