شهد محيط وسط القاهرة أمس تشديداً أمنياً لافتاً بالتزامن مع دعوات نقابات عمالية مستقلة إلى التظاهر في عيد العمال، احتجاجاً على أوضاعهم. وكثفت قوات الأمن من وجودها في محيط نقابة الصحافيين في وسط القاهرة، ومنعت عمالاً من الوصول إلى المقر، حيث كان مُقرراً تنظيم وقفة احتجاجية. وكانت أزمة نشبت قبل أيام بين النقابة ووزارة الداخلية بسبب حصار مقرها في ذكرى تحرير سيناء الاثنين الماضي، لمنع تظاهرات دعت إليها قوى سياسية احتجاجاً على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. وألقت الشرطة القبض على عشرات الصحافيين لساعات عدة قبل إطلاقهم. وتقدمت نقابة الصحافيين ببلاغين إلى النائب العام ضد وزير الداخلية مجدي عبدالغفار ومدير أمن القاهرة. وتمركزت آليات عدة للشرطة عند مدخل شارع عبدالخالق ثروت حيث مقر النقابة، ومنعت مرور السيارات فيه، كما منعت عمالاً من الترجل نحو مقر النقابة. وكانت «تنسيقية جبهة تضامن» التي تشكلت للاحتجاج أساساً على قانون الخدمة المدنية الذي رفضه البرلمان ونقابات مستقلة عدة، دعت إلى وقفة احتجاجية أمس أمام النقابة، وإعلان عيد العمال «يوم حداد على عمال مصر» بسبب تدهور أوضاعهم المادية وتعطل أعداد كبيرة منهم عن العمل من جراء غلق مصانعهم المتعثرة التي باعتها حكومات سابقة إلى مستثمرين. وتمركزت آليات للأمن في محيط وسط القاهرة، خصوصاً عند دار القضاء العالي وقرب ميداني التحرير وطلعت حرب. وانتشر رجال أمن بملابس مدنية في شوارع وسط القاهرة لرصد أي مسيرة أو تظاهرة احتجاجية. وحدثت مشادات بين عمال وأفراد أمن قرب النقابة بعد منعهم من المرور إليها، فيما تجنبت قوات الشرطة تكرار سيناريو 25 نيسان (أبريل) الماضي، واكتفت بمنع العمال من المرور من دون توقيفهم، كما سمحت للصحافيين بالمرور صوب النقابة، بعد أن كانت منعتهم خلال تظاهرات الاثنين الماضي. وأرجأت محاكم عدة إلى الخميس المقبل محاكمة أكثر من 200 متظاهر ألقت الشرطة القبض عليهم الاثنين الماضي. وأمرت نيابات باستمرار حبس المتهمين الموقوفين، واستمرار إخلاء سبيل من أطلق سراحهم على ذمة القضية بتهم «الدعوة إلى قلب نظام الحكم والتحريض على مهاجمة أقسام الشرطة واستخدام العنف لحمل رئيس الجمهورية على الامتناع عن عمل من اختصاصه ومهامه الموكلة إليه طبقاً للدستور والانضمام إلى جماعة إرهابية الغرض منها الدعوى لتعطيل القوانين ومنع السلطات من ممارسة أعمالها والإضرار بالسلام الاجتماعي والترويج بطريق غير مباشر باستخدام شبكة المعلومات الدولية لارتكاب جرائم إرهابية تهدف لتضليل السلطات الأمنية والتحريض على التجمهر والتظاهر وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة عمدا من شأنها إلحاق الضرر بين الناس وبالمصلحة العامة». وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» حضت مصر أمس بالتزامن مع الاحتفال بعيد العمال على تقنين النقابات المستقلة التي انتشرت في السنوات الأخيرة قبل الثورة. وفي مصر كيان رسمي واحد يُمثل العمال هو «الاتحاد العام لنقابات العمال». وقالت «هيومان رايتس ووتش» في بيان أمس إن «على الحكومة المصرية تقنين عمل النقابات المستقلة وإنهاء نظام النقابة الواحدة الرسمي القائم منذ عقود، والسماح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لمجالس النقابات». ولفتت إلى أن قانون النقابات العمالية لا يعترف بأي نقابات غير تلك التي تعترف بها الدولة والتابعة ل «الاتحاد العام لنقابات عمال مصر». وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية نديم حوري: «تتجاهل الحكومة المصرية حق العمال الأساسي في التنظيم. يبدو أنها عازمة على خنق حرية الحركة العمالية التي نالها المصريون بعد سنوات من النضال، وبلغت ذروتها في انتفاضة العام 2011». وأضاف أن «حماية حق العمال في التنظيم المستقل هو حق أساسي وليس ترفاً، فمصر تحتاج إلى نمو اقتصادي شامل، وهذا النمو لا يتحقق بقمع العمال».