الرجل عندنا يخاف أن يعبر عن مشاعره وكبته ودموعه، وكل ما تحتاجه المرأة هو تعبير. هو أن يقول لها الأشياء الجميلة التي يشعر بها نحوها، تأكيد لسبب حبه لها، أو لماذا يريد الزواج منها، أو تذكير لماذا هو مستمر بالزواج منها. المرأة ليس عندها مشكلة في ذلك. المرأة حصة تعبير وإنشاء وتشكيل. إنها تشعر جيداً منذ اللحظة الأولى، وإن كثرت منذ الساعة الأولى، من هو الرجل، ماذا يعني لها أو ماذا سيشكل بالنسبة لها، وهل سيرتبط بها أم لا، أو سيحبها أم لا. لكنه إن لم يعبر لها لن تفهمه ولا تعود تفهم شيئاً عنه ومنه. المرأة تتعب مع الرجل الغامض! وكل الرجال هم ذاك الرجل! من دون وضوح، وهي لا تحب من في داخله شعور بالذنب وخجل من الدمعة والإفصاح. قل، تحرك، تجرد وعبر، حتى التلفزيون لم يعد بالأبيض والأسود، التلفزيون ملون، الصورة ملونة، الحياة ملونة، لونها يا أخي، لون الحياة لك ولها. شاحب أنت من دون كلمة: أحبك حتى الموت... أحبك للنهاية. أسمعنا، أطربنا، أضحكنا، «إيش معنى كل رجال العالم إلا أنت»؟ سجل: أنا عاشق، وان اعتزازي بحبي يستحوذ على كل تفكيري. اقرأ لك رواية عاطفية. ساعدها في النهوض أو الوقوف، افتح باب السيارة، سرح شعرك، زرر قميصك، اغسل وجهك، تعطر، تبخر، تعلم أن تحب، فنحن في حاجة جداً إلى حل حبي لنتوصل إلى الحل السلمي في كل قضايانا من غزة إلى بغداد إلى مكافحة الإرهاب وصولاً إلى مكافحة البطالة. أنا لا أعرف حبيباً واحداً يجلس في المقاهي عاطلاً عن العمل. الحب وحده هو الموتور الذي يحرك كل إنسان إلى الانضباط والعمل الجاد حتى يطعم الحبيبة. إنه الحب عندنا العاطل عن العمل هذه الأيام، لأنني أيضاً لم ألتق «حبيبة» واحدة لا ترتب وتنظف عشها، ولا أعرف حبيباً واحداً لا يرافقها لشراء بعض الهدايا لها، ولا أعرف حبيبة واحدة لا تعصر مخها وجيبها بحثاً عن هدية مختلفة له. لكن ما العمل إذا كان شعبان عبدالرحيم قد تفوق على عبدالحليم؟ واحمد عدوية على أحمد رامي؟ كيف يحب الناس إذاً من دون وجدان ومشاعر وعاطفة؟ صارت المشاعر مثل مظلة المطر لا تُفتح إلا عند الحاجة، والعواطف رفعت إشارات خطر السباحة، فما من أحد يعوم في أمواجها. طبعاً فالحب في حاجة إلى بساطة وعراقة، فكيف يزهو ويسود إذا صارت معرفة بضائع بريالين أهم من معرفة سور الصين وتاريخه؟ وإذا صار شكل الحذاء أهم من راحة القدم؟ وإذا صار افتتاح «مول» أهم من افتتاح «متحف»؟ فكيف نذكر الشعب بالحب، إذا صار الحياء ضعفاً والجرأة وقلة الأدب قوة. ولم يعد لكلمة آسف وجود؟ كيف نزف بشارة الصلح والألفة ونهدي بعضنا بعضاً الزهور؟ القضية ليست قضية مشاعر وعاطفة، بل قضية حياة بكاملها تؤمن بالحب والمحبة، فلا شيء قادر على تهذيب الإنسان مثلها وتهذيب اللغة مثلها. إنها تفاهم روحي كامل يعطي الجو ألفة وروحاً خفيفة من المزاج والمزاح، لأن نعيش حياة افضل. لا الكنبة ولا الميكروويف ولا مجفف الشعر ولا الإضاءة الخاصة أو الساطعة قادرة على إلقاء الضوء على الحياة وإنعاشه مثل الحب. الحب تأكيد على أن الكل ينجز عملاً بسعادة، فلا تقل لي أرجوك إن الناس الأكثر براءة فقط هم الذين ينشغلون بالحب، لأنني لا أتكلم عن الحب المؤجج بالمشاعر ولا القسوة المدججة بالأسلحة، إنني أتكلم عن الحب العقلاني، عن المرأة التي تمشط برفق وعناية شعر زوجها الشاحب فتكسبه اللمعان، عن المرأة التي تُضيف رشة قرفة على صحن بليلة ليهضمه بهناء، عن الرجل الذي يمد يده إلى منديله ليمسح دمعتها بصفاء. هل كل هذا عاطفة آنية أو انفعال زائد وزائل؟ وهل هذه منغصات أم نعيم الحياة؟ هل لو أقفل رجل بيننا شاشة التلفزيون المتسمر أمامه ليرى خبراً يهزه أو امرأة تهز ذات اليمين وذات الشمال أجمل، أم أن يقول لزوجته: تبدين رائعة هذا المساء؟ أليس ذلك خير من التبجح ومتابعة الأحداث والأخبار، ليتخذ موقفاً بعد ذلك من ذوات اليمين وذوات الشمال؟ كفانا! اختر موقفاً واضحاً من الحب أولاً، وستحل كل المشكلات واهمس لها: أحبك وسأعيش أحبك وسيأتيك الرد: أحبك، يجب أن أحبك إنك إنسان لطيف، كيف لا أحبك؟ خلف الزاوية هاتفي العائد إلى الرنين تُرى هل سيطرز على شاشته رقمك اسمك... أحبك [email protected]