يكاد المشاهد يفرك عينيه مراراً ليتثبت من أن ما يشاهده ليس مفبركاً أو من نوع برامج الكاميرا الخفية. لكن المشهد واقعي تماماً ولم تفعل الكاميرا سوى التقاطه: يصعد الفتى على الطاولة بلمح البصر، يركل بكل ما أوتي من عزم امرأة في أواسط العمر على وجهها. إنه البث المباشر يقول المشاهد لنفسه، لكنه لا يلبث ان يلاحظ ان الحلقة مسجلة، وها هو المشهد يبث مجدداً، بالصورة البطيئة هذه المرة، لعل المشاهد فقد شيئاً من التفاصيل. الحلقة تثير الفضول، خصوصا أن بثها جاء عشية طرح مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري في البرلمان اللبناني، وغداة إطلاق المجلس الأعلى للطفولة في (كانون الاول - ديسمبر 2013) "شرعة أخلاقيات التعامل الإعلامي مع الأطفال، بهدف الحد من الانتهاكات التي تمارس بحق الطفل (دون ال 18 سنة) عند استضافته، من ذكر اسمه وتفاصيل عن أهله ومكان إقامته، وإظهار صورته واضحة، ما قد يسيء على المدى الطويل لشخصيته المعنوية والنفسية، ويجعله عرضة لإهانات من البيئة المحيطة به". تستحق الحلقة إذاً ربما أن تشاهد من بدايتها. لحسن الحظ هناك "يوتيوب". يعود المشاهد الذي التقط الحلقة صدفة من المشهد المذكور، الى الموقع، فيجدها كاملة ويقرر ان يحضرها، ولا يلبث ان يلاحظ الطامة الكبرى فيها: الضارب والمضروبة هما إبن وأمه. البرنامج هو "عل أكيد" الذي يقدمه زافين قيومجيان على شاشة "المستقبل" اللبنانية. موضوع الحلقة والدة تسعى لرؤية ابنها المحرومة من لقائه فترة طويلة. "هي أم قلبها محروق وعم تطلب مساعدة"، يقول قيومجيان في بداية الحلقة موصفاً المرأة، فيما تظهر على الشاشة دموعها وهي تحكي قصتها. وفق التفاصيل التي تعطيها، هي أم معنّفة، حرمت من رؤية أولادها أكثر من سبع سنوات بعد طلاقها من رجل كان يعنّفها اقتصادياً ولفظياً وحتى جسدياً.