خطا لبنان وسورية امس خطوة مهمة في اتجاه التوقيع على 15 مذكرة للتعاون بين البلدين بينها 11 اتفاقاً ومذكرتا تفاهم وبرنامجان تنفيذيان من قبل رئيسي حكومتي البلدين سعد الحريري ومحمد ناجي عطري في اجتماع قريب للهيئة العليا المشتركة اللبنانية - السورية، وكان تم التفاهم على صيغها النهائية في المحادثات التي عقدت على مدى يومين في دمشق بين وزير الدولة اللبناني جان أوغاسبيان ورئيس هيئة تخطيط الدولة في سورية عامر لطفي في حضور عدد من المديرين العامين والخبراء من الدولتين. وعلمت «الحياة» ان أوغاسبيان سيطلع الحريري على ما أنجزه الاجتماع المشترك في دمشق تمهيداً لتحديد موعد لاجتماع الهيئة العليا اللبنانية - السورية للتوقيع على الاتفاقات ومذكرتي التفاهم والبرنامجين الذي سيتم الاتفاق عليه في اتصال يجريه بنظيره السوري محمد ناجي عطري. وقالت مصادر لبنانية مواكبة لاجتماعات فريقي المديرين العامين والخبراء من البلدين ان ما تم التوصل إليه ليس مرتبطاً بإعادة النظر ببعض النقاط الواردة في الاتفاقات الموقعة بين لبنان وسورية، بل هناك إضافات وتوقيع اتفاقات جديدة من شأنها تعزيز التعاون الثنائي وتفعيله خصوصاً ان هناك حاجة مشتركة لذلك، في ضوء توقيع لبنان وسورية ومعهما الأردن وتركيا على اتفاق للتعاون الاستراتيجي على هامش الملتقى التركي - العربي الذي عُقد الخميس الماضي في اسطنبول. وكشفت المصادر نفسها ان الاتفاقات التي تم التوصل إليها وتنتظر توقيع الحريري وعطري والوزراء المختصين عليها تشمل التعاون في عدد من المجالات أبرزها التربية والصحة والصناعة والنقل والاقتصاد والطاقة والثقافة والبيئة والزراعة. اضافة الى تكثيف اجتماعات اللجنة المشتركة لترسيم الحدود بين البلدين. إلا ان المصادر عينها رفضت التعليق على ما تردد من ان الاجتماعات الأخيرة تناولت التأكيد على التعاون بين البلدين في المجالين الأمني والعسكري بموجب ما نصت عليه معاهدة الأخوة والتنسيق اللبنانية السورية التي أبرمت في عهد الرئيسين الراحلين السوري حافظ الأسد واللبناني الياس الهراوي. لكن «الحياة» علمت من مصادر محايدة أن التأكيد على التعاون اللبناني - السوري في المجالين الأمني والعسكري كان حاضراً في اجتماعات دمشق، وهذا ما يدعمه حضور المدير العام للإدارة في الجيش اللبناني اللواء عبدالرحمن شحيتلي في عداد الوفد اللبناني الى العاصمة السورية واجتماعه مع مسؤولين عسكريين سوريين مولجين بمهمة التعاون والتنسيق الأمني. ولم تحجب اجتماعات دمشق الأنظار عن الانتخاب النيابي الفرعي الذي جرى أمس في دائرة المنية - الضنية في الشمال لملء المقعد الشاغر بوفاة النائب من تيار «المستقبل» هاشم علم الدين، خصوصاً انه اتسم هذه المرة بإعادة خلط الأوراق السياسية. وأظهرت النتائج غير الرسمية فوز مرشح «المستقبل» كاظم صالح الخير على قريبه كمال الخير المدعوم من قوى المعارضة سابقاً، في حين أطلقت العملية مؤشراً باتجاه إمكان تبدل خريطة التحالفات في الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً، نظراً الى قرار وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي وحليفه النائب قاسم عبدالعزيز الوقوف على الحياد في المعركة الانتخابية بدلاً من دعم مرشح «المستقبل». وإذ أدى وقوف الصفدي وعبدالعزيز على الحياد الى تبادل الحملات السياسية والإعلامية بينهما وبين تيار «المستقبل»، فإن المواكبين للعملية الانتخابية التي بدأت بإقبال «بارد» على صناديق الاقتراع استمر حتى الظهر وسرعان ما أخذ يرتفع تدريجاً في الساعات القليلة التي سبقت إقفالها في السابعة مساء، أخذوا يسألون عن مصير التحالف بين الرئيس الحريري والصفدي باعتبار ان وقوفه على الحياد يعني تأييده ولو سلبياً لمنافس «المستقبل». كما سأل المراقبون عن مستقبل العلاقة بين «المستقبل» والجماعة الإسلامية التي أيدت مرشحه لكنها لم تؤثر على موقف أحد مسؤوليها النائب السابق أسعد هرموش الذي دعا الى دعم المرشح كمال الخير للثأر من النائب في «المستقبل» أحمد فتفت على خلفية دور الأخير في إبعاده عن لائحة قوى 14 آذار في الانتخابات النيابية العام 2009. ورأى المراقبون انفسهم انه ستكون للانتخاب الفرعي تداعيات سياسية، إضافة الى انه شكل أول فرصة لقوى المعارضة سابقاً لاختبار قوتها في ضوء اعتقادها بأن الانتخابات البلدية حملت تبدلاً في المزاج الشعبي لغير مصلحة «المستقبل» على رغم ان بعض رؤساء البلديات ممن صنفتهم المعارضة على انهم حلفاء لها دعوا الى الاقتراع لمرشح «المستقبل». الى ذلك، تشهد باريس بدءاً من اليوم «زحمة» زوار لبنانيين أبرزهم البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير الذي يصل إليها اليوم للقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وكبار المسؤولين الفرنسيين، ولتقليد نائب رئيس الحكومة اللبنانية السابق عصام فارس أرفع وسام بابوي بالنيابة عن البابا بنديكتوس السادس عشر. إضافة الى نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الوطني الياس المر الموجود فيها منذ يومين وسيجتمع في الساعات المقبلة مع نظيره الفرنسي ايرفيه موران للبحث في برنامج المساعدات الفرنسية للجيش اللبناني في ضوء حاجاته التي تم تحديدها في دراسة وضعتها قيادة الجيش ليكون في مقدوره القيام بمهماته، وتحديداً الى جانب قوات «يونيفيل» في منطقة عملياتها في جنوب الليطاني لتطبيق القرار 1701. كما ينتظر ان يتوجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى باريس ومدريد في الأيام القليلة المقبلة، وهو التقى امس الرئيس المصري حسني مبارك، وأكد بعد اللقاء ان أفضل شيء للدفاع عن لبنان في وجه ما يتهدده هو التفاف شعبه حول حكومته وسلطته الشرعية وحصر قرار الدفاع عنه ضمن المؤسسات الدستورية لتتمكن الحكومة اللبنانية من تقدير الموقف كل لحظة بلحظتها، معتبراً في رده على سؤال إذا كان لا يزال يعتبر «حزب الله» يمثل دولة ضمن دولة انه «لا يمكن تصور دولة تحترم نفسها فيما يوجد حزب من الأحزاب يدخل أسلحة الى أراضيها من دون علمها أو يقوم بخطوات أخرى تخرج عن سيادتها الشرعية».