زار قادة أوروبيون من بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا مركل جنوبتركيا أمس، حيث سعوا إلى الموازنة بين إعطاء دفع لتطبيق الاتفاق مع أنقرة حول المهاجرين وبين التأكيد على القيم الأوروبية. ووصل رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس ومركل إلى غازي عنتاب في جنوبتركيا، قرب الحدود السورية، حيث زاروا مخيماً للاجئين والتقوا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو. وأتت هذه الزيارة بعد 3 أسابيع على بدء تطبيق الاتفاق المثير للجدل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا الذي يهدف إلى ردع المهاجرين من السعي إلى الدخول بصورة غير شرعية إلى أوروبا. ويقضي الاتفاق بإعادة كل المهاجرين غير الشرعيين الجدد الذي يصلون إلى الجزر اليونانية، إلى تركيا، بمَن فيهم طالبو اللجوء. في المقابل، وافق الاتحاد على مبدأ «واحد مقابل واحد»، أي مقابل كل سوري يُبعَد إلى تركيا من الجزر اليونانية، يستقبل الاتحاد سورياً من مخيمات اللاجئين في تركيا، ضمن سقف قدره 72 ألف شخص. كما وافق الأوروبيون على تحريك مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد وتسريع آلية إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول، مع التشديد على أنهم لن يساوموا على المعايير المطلوبة. وصعّد القادة الأتراك اللهجة هذا الأسبوع معتبرين أنهم لن يعودوا ملزمين احترام بنود الاتفاق إن لم يفِ الأوروبيون بوعدهم بإعفاء الأتراك من تأشيرات دخول بحلول نهاية حزيران (يوليو) المقبل. وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن «الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى تركيا أكثر مما هي في حاجة إليه». وقال سنان أولغن من معهد «كارنيغي أوروبا» للأبحاث إن الزيارة «تأتي في مرحلة حرجة من تطبيق الاتفاق»، مشيراً إلى أن دولاً أوروبية عدة لا تزال تعارض إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول. من جهة أخرى، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما ب «الموقف الشجاع» للمستشارة الألمانية والألمان إزاء أزمة المهاجرين. وأوضح أوباما في مقابلة نشرتها صحيفة «بيلد» أمس: «أجد موقف المستشارة مركل والكثير من الألمان شجاعاً إزاء أزمة اللاجئين»، معتبراً أن مركل أثبتت «زعامة أخلاقية وسياسية حقيقية». إلا أنه اعتبر أن «ألمانيا لا يجب أن تتحمل وحدها أو مع دول قليلة أخرى، عبء الأزمة كله»، مشيراً إلى أن «الاتفاق الأخير بين الاتحاد الأوروبي وتركيا شكل خطوة باتجاه تقاسم أكثر عدلاً لهذه المسؤولية». وأثنى أوباما في المقابلة على مركل ووصفها بأنها «حارسة أوروبا» وبأنها «برغماتية وتركز على ما يمكن حقاً فعله». ويزور أوباما اليوم المعرض الصناعي في هانوفر شمال ألمانيا، ويُفترَض أن يشارك غداً في «اجتماع غير رسمي» مع مركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي والبريطاني ديفيد كامرون، لبحث «الملفات الدولية الكبرى». في المقابل، اعتبر رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان أمس، أن الاتحاد الأوروبي «سلّم أمره لتركيا» على صعيد أزمة المهاجرين نتيجة ضغوط مارستها مركل، مشيراً إلى عواقب «يصعب التكهن بها» ستنجم عن هذه المسألة. واعتبر أوربان الذي أقامت حكومته شريطاً شائكاً لمنع تدفق المهاجرين في مقابلة مع مجلة «فيرشافسفوخي» الأسبوعية الألمانية: «نحن سلمنا أمرنا لتركيا» من خلال هذا الاتفاق. هذا الأمر ليس جيداً على الإطلاق». وقال رئيس الوزراء الهنغاري إن «أمن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يُعهَد إلى دولة أجنبية ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «دفعنا نحن أعضاء الأتحاد الأوروبي 3 بلايين يورو لتركيا حتى الآن، وعما قريب قد ندفع 3 بلايين إضافية. ويتعذر علينا أن نتوقع أين سيتوقف ذلك». وأضاف: «أيدت الإستراتيجية التركية بشرط وحيد هو توافر منظومة حماية لحدود» الاتحاد الأوروبي. وقال إن الاتحاد الأوروبي يرتكب «خطأً» بتركيز اهتمامه على إعادة توزيع اللاجئين، بدلاً من حماية حدوده. في موازاة ذلك، اقترح نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد عمر معيتيق أثناء زيارة لإيطاليا أول من أمس، أن يتفاوض الاتحاد الأوروبي مع ليبيا على اتفاق شبيه بالاتفاق المبرم مع تركيا. وذكر بيان الخارجية الإيطالية أن معيتيق «شكر إيطاليا على دعمها الشعب الليبي معرباً عن أمله بأن تستمر روما في القيام بدور طليعي في مسار المصالحة الوطنية الهادف إلى بناء ليبيا جديدة ديموقراطية وموحدة». والتقى وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو ألفانو معيتيق ووزير الداخلية الليبي عارف الخوجه. وقال ألفانو: «أنا مرتاح جداً للقاء. ونحن نعمل معاً ومن الآن على مكافحة الإرهاب وتهريب البشر».