تشهد إيجارات العقارات في دبي موجة تراجع جديدة انطلقت مع بداية حزيران (يونيو) الجاري، ويُرجَّح أن تستمر حتى نهاية الصيف وقد تمتد إلى ما بعد رمضان المبارك، بعدما عرفت عقارات إمارة دبي والإمارات الشمالية القريبة منها انخفاضات واضحة في إيجاراتها خلال السنتين الماضيتين نتيجة تراجع الطلب في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والنمو الكبير في أعداد الشقق والعقارات السكنية الجديدة التي دخلت السوق خلال الفترة المذكورة. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة»، التي تتخذ من دبي مقراً لها، إلى أن دخول عشرات آلاف الشقق والوحدات السكنية الجديدة السوق العقارية في دبي، والتي قدرتها دائرة الأراضي والأملاك في الإمارة بن حو 26 ألف شقة ووحدة سكنية جديدة منذ مطلع السنة، ساهم، بالإضافة إلى دخول أعداد كبيرة من الشقق والوحدات السكنية في إماراتي الشارقة وعُجمان القريبتين السوق، في فرض ضغوط على الأسعار والإيجارات السائدة دافعة إياها إلى الانخفاض، في وقت بدأت فيه الشركات الكبرى التي تدير محافظ عقارية ضخمة في استباق السوق والإعلان عن عروض سعرية أدنى من السائدة حالياً، لاستقطاب أكبر عدد من المستأجرين قبل التفاقم المحتمل لموجة الهبوط خلال ما تبقى من السنة، خصوصاً أن الأزمة المالية العالمية لا تزال تنهك الاقتصادات الإقليمية والعالمية، خصوصاً في أوروبا التي تعاني من أزمة ديون سيادية. وبيّن التقرير أن البحث المستمر عن المناطق والعقارات الأنسب، التي أفرزها تبدل قوى السوق وانتقالها من شق العرض إلى شق الطلب، ساهم في إقبال كبير من إماراتي عُجمان والشارقة على العقارات في إمارة دبي، وكذلك من مناطق بعيدة في دبي إلى مناطق مركزية وقريبة من البنية التحتية للخدمات، ظلت إلى فترة قريبة مرتفعة الثمن وبعيدة المنال. ولاحظت «المزايا القابضة» تفاوتاً بين الانخفاض الملحوظ والطفيف للأسعار في المناطق المرغوبة وبين الاستقرار النسبي في مناطق معينة في دبي، خصوصاً في مناطق التملك الحر التي تحكمها متغيرات الأسعار وارتباط ذلك بالعائد المتوقع على العقارات. وكانت دائرة الأراضي والأملاك كشفت عن أن عدد الوحدات السكنية التي ستدخل السوق العقاري المحلي في دبي خلال السنة يصل إلى 26400 وحدة، ترتفع إلى 45 ألف وحدة عقارية مع نهاية عام 2011، مشيرة في تقرير نُشر في الصحف المحلية إلى أن العدد المتوقع سابقاً كان 45 ألف وحدة، لكنه انخفض بسبب تأجيل طوعي في بعض الأحيان وإجباري في أحيان أخرى لبعض المشاريع، بسبب تأثر المطورين والمستثمرين بمشاكل السيولة والتمويل إلى تأخيرات مرتبطة بالمقاولين والمقاولين الفرعيين. ورأى معدو تقرير «المزايا القابضة» أن التأخر في إتمام البنية التحتية والمرافق والتسهيلات في المشاريع الجديدة ورغبة المطورين في المحافظة على حد أدنى من الاستقرار في الأسعار لارتباطها بمعادلة العرض والطلب، ساهما في تأجيل طرح عقارات جديدة في السوق المشبعة. مصاعب أمام الشركات وكانت تقارير صحافية أوردت أن شركات التطوير العقاري تواجه كثيراً من التحديات والأسباب التي تحول دون مضيها في تنفيذ مشاريعها العقارية وفق الجدول الزمني المعلن، منها شح السيولة المالية المرتبطة بتضاؤل التسهيلات الائتمانية من جهة، وتراجع قدرة المشترين على التسديد من جهة أخرى، وتأخر جاهزية البنية التحتية بشتى تفاصيلها كالكهرباء والطرق والصرف الصحي وغيرها، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الخلافات العالقة بين الشركات وزبائنها. وكانت أسعار العقارات في دبي والإمارات القريبة منها شهدت انخفاضاً وصل إلى 60 في المئة اعتباراً من نهاية صيف 2008، في وقت حصلت حالات بيع اضطراري مع رحيل كثير من العائلات نتيجة عمليات تسريح لعاملين، خصوصاً في القطاعات الأكثر تأثراً بالأزمة المالية العالمية. وأطلقت «مجموعة دبي للعقارات»، العضو في «دبي القابضة»، حملة تستمر لمدة ستة أسابيع وتهدف للترويج لمجمعاتها المخصصة للإيجار في دبي. وتتراوح إيجارات الوحدات بين 23 ألف درهم (6250 دولار) للأستوديو و64 ألفاً للفيلات التي تضم كل منها غرفتي نوم. وتعرض الحملة ثمانية مشاريع سكنية في كل أرجاء دبي، تتضمن مشروع «جميرا بيتش ريزيدنس»، ومشروع «الواجهة البحرية المميزة»، و «ليان»، الواحة الصحراوية التي تحمل طابع عمارة البحر المتوسط في قلب «دبي لاند»، ومشروع «شروق»، المشروع السكني المعروف في منطقة مردف، بالإضافة إلى مشروع فيلات «قرطبة»، المشروع العائلي الذي يتمتع بموقع مثالي في «قرية دبي للمعرفة»، ومشروع «بوابة الخيل»، الذي يقدم شقق سكنية بأسعار مناسبة والواقع على شارع الخيل. وتتقاطع هذه التطورات مع تقرير أصدرته شركة «سي بي ريتشارد إيليس - الشرق الأوسط» توقعت فيه أن تشهد الإيجارات السكنية في دبي مزيداً من الانخفاض هذه السنة بسبب زيادة المعروض، فيما سترتفع معدلات إشغال المكاتب في أبو ظبي بنسبة 10 في المئة. ورجحت الشركة دخول 31194 منزلاً جديداً السوق هذه السنة، و29388 عام 2011، و21870 عام 2012. وأشارت شركة «كوليرز إنترناشيونال» في أيار (مايو) الماضي إلى أن المعروض من الشقق السكنية في دبي يفوق الطلب بنحو 20 في المئة، ومع إضافة 41 ألف منزل جديد للسوق، سيحصل مزيد من الانخفاض في الأسعار قبل نهاية السنة. وأفادت الشركة في تقرير بأن سوق العقارات السكنية في دبي استعاد جانباً من الثقة التي فقدها عند اندلاع الأزمة المالية العالمية إذ أظهر مؤشر الشركة الذي يرصد أداء القطاع ارتفاعاً في الأسعار بنسبة أربعة في المئة منذ الربع الأخير من عام 2009. ورأت «كوليرز» أن متوسط أسعار المنازل حالياً يماثل مستويات عام 2007، ما يشير إلى بلوغ السوق القيمة الأساسية للأسعار. لكن الشركة أشارت إلى مخاوف لا تزال قائمة إذ رجحت توافر فائض كبير في المعروض قبل نهاية السنة، متوقعة أن يشهد مؤشر الأسعار تقلبات في القيمة، وداعية إلى مراقبة مقدار تطابق العرض مع طلب المشترين النهائيين على مشاريع المجمعات العقارية. وتوقعت دخول 41 ألف وحدة سكنية السوق قبل نهاية عام 2010، معظمها مخصص لأصحاب الدخل المنخفض والمتوسط، ما قد يفرض ضغطاً نزولياً على أسعار العقارات في وقت لا يُتوقع للطلب فيه أن يتناسب مع النمو في العرض. وبقيت دبي تحتل المرتبة التاسعة بين أسواق المكاتب العشر الأعلى تكلفة في العالم، وفقاً لدراسة مجموعة «سي بي ريتشارد إيليس، التي لفتت إلى أن تكاليف إشغال المكاتب تأثرت بالتغيرات في قيمة الدولار في مقابل العملات المحلية. وأوضح تقرير مؤسسة «جونز لانغ لاسال» للاستثمار العقاري والاستشارات عن وضع القطاع العقاري في دبي خلال الربع الأول من السنة أن الشواغر في سوق المكاتب واصلت نموها مع إضافة 1.8 مليون قدم مربعة من المكاتب الجديدة التي استُكملت في الربع الأول من عام 2010، بما في ذلك أولى مباني المكاتب في منطقة الخليج التجاري. وأشار التقرير إلى أن إيجارات المكاتب في بعض المواقع تواجه مزيداً من الضغوط على وصول معدل الشواغر إلى مستوى 35 في المئة، والتي قد تتجاوز 45 في المئة قبل نهاية السنة.