على امتداد شارع الملك سعود وسط الدمام، أكثر شوارع المدينة اكتظاظاً بالمتسوقين، بدأ سوق الجوالات الذي يعج بآلاف الزوار الآسيويين، يشهد تغيرات جذرية، حين قرر عدد من ملاك المحال هناك الإغلاق نهائياً، أو استبدال نشاطهم، بسبب «ارتفاع الكلفة»، بحسب تعبيرهم. وقدر مستثمرون في السوق، تحدثوا إلى «الحياة» عدد المحال في سوق الجوالات بشارع الملك سعود فقط، بأكثر من 60 محلاً، ومن المتوقع أن يصل عدد تلك المحال إلى النصف مع بدء حملات التفتيش وإعطاء مهلة للمحال من أجل التوطين. وعلى رغم أن وزارة العمل والجهات الداعمة لقرار توطين قطاع الاتصالات لم تنفذ بعد خطة الرقابة والتفتيش على المحال، المزمع انطلاقها بعد نحو شهرين، بحسب مصدر في مكتب العمل في الدمام، إلا أن البعض فضّل الرحيل من السوق، الذي تأسس قبل نحو عقدين مع دخول خدمة الهاتف الجوال إلى البلاد. عند الدخول إلى أزقة السوق، قد لا تعتقد أنك في دولة عربية، فهنا السيطرة للوافدين الآسيويين. وقال إبراهيم حماد المستثمر في قطاع الجوالات في سوق الدمام، ويملك ثلاثة محال: «إن عدداً من المستثمرين قلصوا عدد محالهم، بعد إشعارنا من وزارة العمل والجهات الداعمة لمشروع التوطين، ببدء الالتزام بتوطين الوظائف، ما دفع البعض إلى تقليص نشاطه استعداداً للخروج من السوق». وأكد حماد أن متخذي هذا القرار «لا يرفضون السعودة، وإنما لارتفاع الكلفة، فالراتب الذي يطلبه الموظف السعودي يختلف عن الهندي على سبيل المثال، الذي لا يتعدى ما يتقاضاه شهرياً ألف ريال، إذ كان العامل مسؤولاً أو مشرفاً مباشراً على المحل، إضافة إلى 200 ريال شهرياً للسكن»، مستدركاً بالقول: «سيكون الوضع مختلفاً بشكل جذري بعد التوطين، ولا يمكن وصف الأمر بالخسارة، وإنما الأرباح ستنخفض». وقال المستثمر عبدالمنعم حطاب، ولديه أربعة محال في السوق تبيع الإلكترونيات والجوالات: «إن التوطين لن يضر في السوق، ولكن سيكون العمل صعباً، وبخاصة في توفير بيئة العمل المناسبة للسعوديين، لذا فضل البعض الرحيل من القطاع، وقلص آخرون عدد المحال، لاستكشاف مدى جدوى التجربة وإمكان نجاحها». وأضاف حطاب: «العامل الآسيوي غير مكلف لناحية الراتب، ولا يطالب بالمكافآت والبدلات وغيرها، لذا فرصة الربح أكيدة، والتاجر يبحث عن الربح ويبتعد عن زيادة الكلفة، وهذا لن يتوافر في حال تطبيق التوطين، خلال الأشهر المقبلة، ولا يمكن التحايل على القرار، إذ ستنفذ حملات سرية وعلنية، بحسب ما علمنا من مكاتب العمل، وسيستحدث نظام جديد للعقوبات والمخالفات». بدوره، أكد مصدر في مكتب العمل بالدمام «وجود خطة رقابية للتفتيش على محال الجوالات، مع دخول قرار التوطين حيز التطبيق، وستنفذ حملات سرية وعلنية، إلى حين نجاح الخطة كاملة، بالتعاون مع جهات معنية». من جهته، قال المتحدث باسم وزارة العمل خالد أبا الخيل ل«الحياة»: «إن الوزارة بدأت حالياً في تنفيذ جولات تفتيش على محال الجوالات، لضبط المخالفين لنظام العمل، وهي مرحلة أولية، وستبدأ الوزارة والجهات المشاركة معها في قرار التوطين منذ الأول من شهر رمضان المقبل، تطبيق توطين 50 في المئة في هذا النشاط، وستقوم هذه الجهات بمتابعة تنفيذ قصر العمل في محال بيع وصيانة الجوالات وملحقاتها على السعوديين والسعوديات، وتطبيق العقوبات على المخالفين».