تراكمت الملفات الاجتماعية والتحركات المطلبية والنقابية على حكومة الرئيس تمام سلام في الأسبوع الثاني من بدء ممارسة عملها، وعلى البرلمان اللبناني الذي يعقد بدءاً من اليوم جلسات تشريعية بعد طول غياب. فشهدت بيروت تحركاً لمياومي مؤسسة كهرباء لبنان الذين نفذوا اعتصاماً وقطعوا الطريق قرب المؤسسة لمدة ساعتين احتجاجاً على اقتراح قانون لتسوية أوضاعهم، فيما ينتظر أن ينفذ موظفو القطاع العام والمعلمون إضراباً عاماً تحذيرياً غداً الأربعاء رداً على التأخر في إحالة سلسلة الرتب والرواتب الجديدة الى الهيئة العامة للمجلس النيابي لإقرارها وسط رفض من الهيئات الاقتصادية، لتأثير كلفتها المالية على الاقتصاد وخوف العديد من الكتل النيابية من عدم تأمين الواردات التي تغطي هذه الكلفة. وفيما تأمل الحكومة، التي اجتمعت بعد ظهر أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في تحقيق أول إنجاز لها على الصعيد الأمني، بالتشدد في تنفيذ الخطة الأمنية المقررة لطرابلس والبقاع الشمالي بدءاً من اليوم، عبر انتشار كثيف لقوى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في عاصمة الشمال ومباشرة اتخاذ تدابير غير مسبوقة لمعالجة الفلتان الذي أنهكها على مدى 3 سنوات، فإن هيئة الحوار الوطني انعقدت أمس بمن حضر على رغم غياب «حزب الله» وبعض حلفائه، واعتبر أحد أقطاب الهيئة أن حضور رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط وحزب «الطاشناق» تغطية لاستئناف الحوار، الذي حُدد 5 أيار (مايو) المقبل موعداً لجلسة له هي الأخيرة قبل انتهاء ولاية سليمان الرئاسية. وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية ل «الحياة» أمس، إن قوى الجيش وقوى الأمن الداخلي ستنفذ بدءاً من اليوم انتشاراً كثيفاً في طرابلس بدءاً من منطقة جبل محسن، بعد أن كانت التمهيدات لتنفيذ الخطة بدأت أول من أمس الأحد وقضت التحضيرات اللوجيستية وإبلاغ جميع الفرقاء بالتهيؤ لتدابير بغية التشدد في تنفيذ بنودها وعدم التساهل مع أي كان يخالف القانون ويخرق الهدوء الأمني أو يحمل السلاح، لتتمركز القوات الأمنية اليوم في كل المواقع. وأوضح المصدر أن مذكرات التوقيف والجلب الصادرة عن القضاء العسكري والعادي ارتفعت من مئة الى 120 في حق مشتبه بهم أو مطلوبين للعدالة في أحداث طرابلس السابقة، ويشمل هذا العدد مطلوبين في البقاع في ما يسميه وزير الداخلية نهاد المشنوق «مربع الموت»، وبيروت. وستعمل قوى الجيش والأمن الداخلي على تنفيذها من دون مراعاة لأحد. وأشار المصدر الى أن 1400 عنصر من قوى الأمن الداخلي بقيادة 63 ضابطاً سينتشرون كتفاً الى كتف مع وحدات الجيش في جبل محسن وباب التبانة وسائر أحياء طرابلس. وتمركزت منذ أمس القوة الضاربة في «فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي في معرض طرابلس الدولي، وسط تنسيق وثيق بينها وبين مديرية المخابرات في الجيش. وسبقت الخطة لقاءات عدة عقدها المشنوق مع نواب المدينة أبلغهم فيها بالتحضيرات الجارية والخطوات التي ستتخذ في سياق إحكام الغطاء السياسي الكبير لتنفيذ الخطة، وسيعقد اليوم اجتماعاً مع هيئة العلماء المسلمين وغيرهم من مشايخ الجمعيات السلفية وجمعيات أخرى. وفي شأن هيئة الحوار، قال أحد أقطابها ل «الحياة» إن الرئيس سليمان عرض في مداخلته التي افتتح بها الجلسة، تسجيلاً صوتياً لجلسة الهيئة في أيلول (سبتمبر) 2012 التي أُقر فيها «إعلان بعبدا» والذي ينص على سياسة النأي بالنفس عن الأزمة في سورية وتحييد لبنان عن النزاعات والمحاور الإقليمية والدولية، رداً على قول بعض أقطابه، لا سيما من تغيبوا، وآخرهم النائب سليمان فرنجية، إن هذا الإعلان لم يتم إقراره بل مناقشته. وقال القطب ل «الحياة» إن الهيئة لم تناقش تصور الرئيس سليمان للاستراتيجية الدفاعية، نظراً الى غياب الفريق المعني بها، أي «حزب الله» عن الجلسة، لكن اجتماعها شهد مداخلات عدة في هذا الشأن، بعد أن أعاد سليمان توزيع تصوره لهذه الاستراتيجية الذي كان اقترحه صيف عام 2012. وفيما دعا سليمان فريقي الخلاف حول المقاومة والسلاح الى عرض مخاوفهما وهواجسهما تمهيداً لطرح اقتراحات كل منهما حول هذه الاستراتيجية، فإن رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة عرض وجهة نظره ودعا الى وضع المقاومة بإمرة الدولة وإلى انسحاب «حزب الله» من سورية، فيما عرض آخرون من «14 آذار» مساوئ انتشار السلاح وانخراط «حزب الله» في القتال في سورية وتداعيات انتقال الإرهاب من سورية. وتناول جنبلاط مراحل الحوار السابقة وما اتخذ فيه من قرارات لم تنفذ مؤكداً على أهمية استمرار الحوار. ورد بري مؤكداً أنه لم يتنكر ل «إعلان بعبداً» في أي مرة، ودافع عن المقاومة، فيما أشار نائب رئيس البرلمان فريد مكاري الى بعض الممارسة التي تتناقض مع التهدئة من قبل «حزب الله».