اشتبكت إيران والولايات المتحدة حول ملف «القدرات النووية الإسرائيلية» الذي ناقشه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أمس، للمرة الأولى منذ 19 سنة، فيما حضّت الدول العربية، مدعومة من طهران، تل أبيب على الانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي. وعكست الكلمات التي ألقاها رؤساء مجموعات الدول الأعضاء في الوكالة، عمق الانقسام داخل مجلس المحافظين، إذ فيما أبدت مجموعة الدول الغربية والولايات المتحدة وإسرائيل استنكارها لوضع بند «القدرات النووية الإسرائيلية» على جدول أعمال الوكالة، أكدت في المقابل مجموعة عدم الانحياز والدول العربية على ضرورة مناقشة هذا البند، وعلى أهمية انضمام اسرائيل الى المعاهدة النووية ومراقبة منشآتها الذرية. وجدد المندوب الأميركي لدى الوكالة غلين ديفيس انتقاده إدراج البند على جدول أعمالها، معتبراً ذلك محاولة لتسييس عملها. ولمّح إلى أن ثمة دولاً أخرى داخل الوكالة تستفيد من طرح هذا الموضوع على جدول أعمالها، في إشارة إلى سورية وإيران. ودعا إلى التركيز على الملف النووي لإيران التي اتهمها بانتهاك قوانين الوكالة والقرارات الدولية. واعتبر ان «ما تحتاجه المنطقة هو العمل معاً في شكل مشترك وتوافقي»، مضيفاً: «يجب استخدام الديبلوماسية مع تل أبيب وليس لهجة الترهيب، من أجل تحفيزها على الانضمام إلى المعاهدة النووية». لكن المندوب الإيراني علي أصغر سلطانية اعتبر ان «ثمة تهديداً واحداً محتملاً للأمن في المنطقة، هي قدرات التسلح النووي لإسرائيل». ورأى ان تردد الغرب في مناقشة ملف اسرائيل، يثير «قلقاً بالغاً». وجاء موقف الدول الغربية منسجماً مع تصريحات ديفيس، إذ رأت في طرح بند «القدرات النووية الإسرائيلية» قراراً «متسرعاً، سيما في ظل عدم وجود تقرير للمدير العام للوكالة يوكيا أمانو في هذا الشأن». وأجمع المعسكر المؤيد لتل أبيب داخل الوكالة، على ضرورة «البدء بالتحضيرات لمؤتمر 2012 الخاص بإخلاء الشرق الأوسط من السلاح الذري، بدل إضاعة الوقت في النقاش بقرارات المؤتمر العام» لمجلس المحافظين. في المقابل، اعتبرت مجموعة الدول العربية هذه التصريحات محاولة واضحة لعرقلة النقاش حول القدرات النووية لإسرائيل، وللحيلولة دون إدراج ذلك مجدداً على جدول أعمال الاجتماعات المقبلة للوكالة. تجدر الإشارة إلى أن بند «القدرات النووية الإسرائيلية» وُضع على جدول أعمال مجلس الوكالة، عملاً بقرار صدر عن المؤتمر الأخير العام للوكالة في أيلول (سبتمبر) الماضي. ويُعد هذا البند منسجماً مع التوصية التي انبثقت من مؤتمر مراجعة المعاهدة النووية في نيويورك أخيراً، والتي تدعو الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى عقد مؤتمر لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح الذري، كما يدعو تل أبيب الى الانضمام للمعاهدة وإخضاع منشآتها للرقابة. ودعا المعسكر المؤيد لتل أبيب، الى تحفيز إسرائيل لإحلال السلام في الشرق الأوسط أولاً، ثم دعوتها الى الانضمام للمعاهدة النووية التي اعتبرت أنها أثبتت عدم جدواها، في إشارة إلى انسحاب دول منها مثل كوريا الشمالية، وخرق دول أخرى نصوصها مثل إيران وسورية. في المقابل، اتسم بيان المجموعة العربية وبيان مجموعة عدم الانحياز، بلهجة شديدة اعتبرت أن «إسرائيل تواصل تحديها المجتمع الدولي، من خلال رفضها الالتزام بأي معاهدة أو مبادرة في هذا الصدد». وأشارت المجموعة العربية في بيانها الذي ألقاه المندوب السوداني محمود الأمين، إلى أن القلق من «الخطر النووي لإسرائيل تعززه السياسات العدوانية لهذه الدولة إزاء دول عربية، والتي تهدد السلم والأمن في المنطقة»، معتبرة أنها «تضرب عرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية».