من المرجح ان يؤدي حكم قضائي صدر في بانكوك اليوم الاثنين الى توتر جديد في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتايلاند، في قضية تعود ذيولها الى ربع قرن بدأت بسرقة مجوهرات ثم تطورت الى اغتيال ديبلوماسيين سعوديين في العاصمة التايلاندية، وصولا الى خطف وقتل رجل الاعمال السعودي البارز محمد الرويلي. فقد اعتبرت محكمة جنايات راتشادابيسك في بانكوك انه "لا توجد ادلة كافية" لمحاكمة خمسة رجال شرطة بينهم ضابط كبير بتهمة قتل الرويلي الذي توجه الى العاصمة التايلاندية للتحقيق في قضية سرقة احجار ثمينة قيمتها 20 مليون دولار في العام 1989، فخطفه هؤلاء وقتلوه واحرقوا جثته بحسب اتهام الادعاء. وكان بستاني تايلاندي يدعى كريانغكاري تيكامونغ سرق كمية من الاحجار الكريمة من القصر الذي كان يعمل فيه في السعودية وشحنها الى تايلاند. وعند توقيفه كان قد تمكن من بيع الكثير من هذه الاحجار الكريمة التي تشمل ماسة زرقاء لا تقدر بثمن وزنها 50 قيراطا. وأعيد بعض هذه الجواهر في نهاية الامر إلى مالكها، لكن السعودية شكت في وقت لاحق من أن معظم ما اعيد كان مزيفا. واظهرت التحقيقات اللاحقة ان هناك شبهة تورط في القضية لشخصيات تايلاندية نافذة. وكان مسلسل الاغتيالات بدأ بمقتل السكرتير الثالث في السفارة السعودية عبد الله المالكي، البالغ من العمر 35 عاماً، أمام منزله في شارع "بيبات"، في 4 كانون الثاني (يناير) 1989. وقبض على رجل بتهمة القتل، ولكن المحكمة العليا أطلقت سراحه لاحقاً ل "عدم كفاية الأدلة". ثم في الأول من شباط (فبراير) 1990 قتل ثلاثة ديبلوماسيين سعوديين هم عبد الله البصري وفهد الباهلي وأحمد السيف، بفارق نحو 5 دقائق بين كل واحد منهم. وكان هؤلاء يتولون التحقيق السعودي في قضية سرقة المجوهرات. ولم يلق القبض على أي مشتبه به. وبعد 11 يوما اختفى محمد الرويلي، صديق الديبلوماسيين القتلى الذي كان يملك مكتبا في بانكوك، متخصصاً في تصدير اليد العاملة التايلاندية إلى مكاتب الاستقدام في السعودية. وشوهد للمرة الأخيرة في العاصمة بانكوك العام 1990، ويعتقد أنه كانت لديه معلومات عن قضية سرقة المجوهرات. وفي محاولة لرفع المسؤولية المحتملة عن اشخاص تايلنديين، اعاد تقرير فريق التحقيق الخاص التايلندي دوافع اغتيال الديبلوماسيين الثلاثة الى "الصراع المذهبي والسياسي بين السعودية ودولة أخرى شرق أوسطية"، في اشارة الى ايران، وركز الاشتباه على شخصية غير معروفة حملت لقب "أبو علي". وادى تلكؤ السلطات التايلاندية في متابعة القضية وعدم جديتها في ملاحقة الفاعلين الى توتر شديد في العلاقات بين الرياض وبانكوك. وخلال عام واحد انخفض عدد العاملين التايلانديين في المملكة من 250 الفا الى 20 الفا فقط، قبل ان تصدر وزارة الخارجية السعودية تعليمات الى مواطنيها بعدم التوجه الى تايلاند قبل الحصول على اذن خاص وتمنع استقدام العمالة من تايلاند. وفي 1995 سعت بانكوك اعادة تطبيع العلاقات مع الرياض، لكن التدخلات السياسية حالت دون محاكمة المتهمين. وقبل سقوط قضية الرويلي بحكم مرور الزمن في 12 شباط (فبراير) 2010، تدخل رئيس الوزراء التايلاندي ابيسيت فيغاجيفا وضغط على فريق تحقيق خاص قام بسحب القضية من الشرطة لمراجعة الادلة، ونجح في احراز تقدم فيها، ما تسبب في اعتقال قيادات في الامن التايلاندي وايداعهم السجن تمهيدا لمحاكمتهم التي جرت اليوم، لكنها عمليا اعادت القضية الى المربع الاول.