حول المبالغة في العقوبات التعزيرية، يرى الشيخ عبدالله مطيع أن التعزيرات في أساسها تهدف إلى استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المنجي من الدنيا والآخرة بما يصلحهم ولا يشق عليهم ومن دون إفراط أو تفريط. واستشهد بقول الفقيه ابن فرحون الذي نقل عنه: «لقد هممت تقديم الوعيد كالتهديد على العقوبة لأن المفسدة إذا ارتفعت واندفعت بالأخف من الزواجر لم يعدل إلى أعلى»، ويقول الجويني: «على الحاكم إذا رأى التجاوز والصفح تكرماً فعل ذلك ولا معترض عليه فيما عمل، وإن رأى إقامة التعزير تأديباً وتهذيباً فرأيه المتبع وفي العفو والإقامة متسع فربَّ عفو هو أوزع لكريم من تعزير». وأكد أن القاضي يطلب منه مراعاة الترتيب والتدرج اللائق فلا يرقى إلى مرتبة وهو يرى ما دونها كافياً ومؤثراً لأنه مهما حصل التأديب بالأخف كالتوبيخ لم يجز له أن يعدل إلى الأغلظ منه كالسجن مدة طويلة إذ يصبح مفسدة لحصول الغرض المقصود من التأديب بدونه، ولاسيما إذا كان المتهم سيقضي مدة طويلة فيضيع نفسه ومستقبله وأسرته وهذا الأمر فيه مفسدة وقسوة، فالغرض هو الردع والزجر مع الإصلاح والتهذيب، لذا يجب أن تكون العقوبة على قدر الحاجة.وعزز رأيه بقول ابن تيمية في كتاب السياسة الشرعية : «إن عقوبة التعزير غير مقدرة وتختلف مقاديرها وصفتها بحسب كبر الذنب وصغره وبحسب حال المذنب، والقاضي في التعزير في حكمه كحكم دفع الصائ» . نسأل الله أن يعين قضاتنا في توطيد العدالة ونشرها وإحقاق الحق ورفع الظلم. ولعل ما صرح به رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد بأنه مطلوب تضييق الاجتهاد في كثير من أعمال القضاء ليصبح العمل أكثر دقة وأحسن أداء، يعتبر رأياً سديداً، بعد تفعيله يمكن أن يقلل من حجم تفاوت الأحكام التعزيرية أو المبالغة فيها.