استضاف «قصر الإمارات» أمسية كلاسيكية قدمتها «أوركسترا باريس»، التي تعد واحدة من أشهر فرق الأوركسترا السيمفونية، ضمن مهرجان أبو ظبي. وتميزت حفلة أمس، بتفاعل الجمهور مع المعزوفات، تحت قيادة المايسترو بافو يارفي، علماً أن الأوركسترا أُسست في باريس عام 1967، بمبادرة مشتركة لقائدي أوركسترا هما شارل مونش وسيرج بودو. وتضمنت الحفلة الأولى، عزف أعمال لثلاثة من عمالقة الموسيقى الكلاسيكية الفرنسية، وهي افتتاحية «القرصان» لبيرليوز، وكونشيرتو التشيللو لإدوارد لالو (عزف كزافييه فيليبس)، والسيمفونية الثالثة للموسيقار سان سانس (سمفونية على آلة الأورغن). أما الحفلة الثانية التي ستقام مساء اليوم، فتتضمن كونشرتو الكمان لتشايكوفسكي وسيمفونية سيبيليوس الثانية. وتبقى الأمسية التي قدّمها عازف البيانو الصيني لانغ لانغ الأبرز في برنامج المهرجان، إذ نفدت بطاقات الحفلة بعد أيام من إصدارها، ويعود ذلك إلى شهرة العازف الشاب، ومبادراته الموسيقية، وعزفه مع أشهر فرق الأوركسترا في العالم، ومشاركته في أمسية ختام نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2014، في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية برفقة أسطورة الأوبرا بلاسيدو دومينغو، وعزفه مع فرقة «ميتاليكا» لموسيقى «هيفي ميتال». ويبقى الأهم أن لانغ لانغ ألهم الملايين لتعلم عزف البيانو، ففي الصين وحدها ثمة 40 مليون طفل يتعلمون العزف على هذا الآلة، متأثرين بطريقته وتجربته. وقدّم العازف الشاب خلال الأمسية، رائعة تشايكوفيسكي «مواسم»، ومقطوعة باخ الشهيرة «الكونشرتو الإيطالي»، ومعزوفات شوبان «السكيرتسو الأربعة». وطّد لانغ شراكاته الموسيقية مع نخبة من ألمع الفنانين العالميين، بدءاً من أشهر قادة الأوركسترات بمن فيهم الموسيقار دانيال بارنبويم، وغوستافو دوداميل، والسير سايمون راتل، إضافةً إلى فنانين من خارج أوساط الموسيقى الكلاسيكية مثل ماركيز، أشهر راقصي «الدوبستيب»، وأسطورة الغناء خوليو إغليسياس، وأسطورة الجاز هيربي هانكوك. ويحرص لانغ كذلك على ترسيخ علاقاته مع المؤسسات التي تدعم مساعيه لإثراء الشغف بالموسيقى الكلاسيكية لدى مزيد من الناس، ويركز على مد الجسور الثقافية بين الشرق والغرب، حيث يقدم مقطوعات من الموسيقى الصينية أمام الجمهور الغربي وبالعكس. ويقدم لانغ على الدوام مقطوعات موسيقية لكبار المؤلفين، أمثال ليست وشوبان وغيرهما الكثير ممن يستمتع لانغ بتقديم أعمالهم الخالدة إلى جمهور اليوم. وشكلت مقطوعة «كونشيرتو الهرّة» الشهيرة في مسلسل الرسوم المتحركة «توم وجيري»، الدافع الأبرز الذي شجّع لانغ في طفولته على استكشاف الأعمال الموسيقية للمؤلف فرانتس ليست. ولا يزال الشغف الطفولي بالموسيقى يستأثر بجانب كبير من حياته، إذ يمثل له «مهنةً ثانية» تتمثل في تعزيز اقتران الموسيقى بمختلف جوانب حياة الأطفال حول العالم، سواء من خلال عمله كسفير للسلام في منظمة الأممالمتحدة في مجال التعليم، أو عبر «مؤسسة لانغ لانغ العالمية للموسيقى» ليكون بذلك مصدر إلهام لكثيرين. وأدرجت «مجلة تايم» الأميركية لانغ ضمن قائمتها السنوية لأهم 100 شخصية مؤثرة في العالم، باعتباره رمزاً للشباب في الصين ومستقبلها الواعد. ويمثل لانغ مصدر إلهام لملايين العازفين بفضل روحه الرقيقة وأسلوبه العاطفي في العزف. وتستمر الدورة الثالثة عشرة من المهرجان طوال الشهر الجاري، وستقدّم فيها مسرحية «الأمير الصغير» التي تعد أضخم إنتاج فني يعرضه المهرجان (21 و22 الجاري)، وحفلة باليه «كارلوس أكوستا والأصدقاء» (25 و26). كما تشهد هذه الدورة عودة حفلات العزف المنفرد، والتي تفتتحها حفلة ثلاثي جوي ألكساندر، ومن ثم ثلاثي ألفريدو رودريغيز في مركز الفنون بجامعة نيويورك أبو ظبي. وترفع هذه الدورة شعار «الالتزام بالثقافة»، علماً أن فرنسا ضيف شرف فيها. وتتنوع نشاطات المهرجان بين الرسم والموسيقى والمسرح والفوتوغرافيا والأدب والسينما، ونشاطات للأطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة. وبالتزامن مع احتفالات الذكرى العشرين لتأسيس مجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون، يقام معرض «إماراتُ الرُؤى» المستمر حتى 11 من الشهر المقبل. ويجمع هذا المعرض تحت مظلته، 50 فناناً معاصراً من دولة الإمارات للتعبير عن رؤيتهم لوطنهم. ويبرز معرض «إماراتُ الرُؤى» الجانب المتجدد للفنون في دولة الإمارات اليوم، من خلال مجموعة واسعة من المنحوتات الداخلية والخارجية واللوحات والصور الفوتوغرافية و «الكولاج» والفيديو والأعمال الفنية التركيبية، تحت سبعة مواضيع هي الأمة والوحدة، الجغرافيا والطبيعة، والعمارة والعُمران، البورتريه والهوية، والدين والروحانية، اللغة والخط العربي، والتقاليد والتراث.