إنهيار حكومة هشة قد يبدأ باستقالات جماعية. هذا هو حال الحكومة الصومالية هذا الأسبوع. فبعدما انضم أحد أعضاء البرلمان إلى «حركة الشباب المجاهدين» واستقال آخر من عضويته في البرلمان بعدما لم يتسلّم راتبه منذ قرابة سنة، أعلن أربعة وزراء استقالتهم في الساعات الماضية. وهناك احتمال بأن تتواصل موجة الاستقالات في الأيام القليلة المقبلة، الأمر الذي يزيد غموض مستقبل الحكومة الصومالية التي تواجه عدواً إسلامياً مسلحاً عازماً على خلعها. واعتبر الوزراء المستقيلون أن حكومة رئيس الوزراء عبدالرشيد علي شرماركي فشلت في تحقيق ما وعدت به. والوزاء الذين أعلنوا استقالتهم كلهم من الوزن الثقيل. وكانت الحكومة تمني نفسها بأن يساعدوها في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد كونهم من أطياف مختلفة. فعندما انضم وزير دولة لشؤون الدفاع، يوسف محمد سياد إندعادي، إلى الحكومة السنة الماضية ومعه ميليشياته القبلية، استبشرت الحكومة الصومالية خيراً، معتقدة أن الكفة رجحت لمصلحتها كون إندعادي من فخذ «عير» أي الفخذ نفسه الذي ينتسب إليه رئيس «حزب الإسلام» الشيخ حسن طاهر عويس. ولكن اتضح لإندعادي، كما لغيره من المسؤولين الصوماليين الذين سبقوه، أن مهمة كسر شوكة المعارضة الإسلامية المسلحة أصعب مما توقعه. وكان لافتاً التصريحات التي أدلى بها الشهر الماضي، بعد يوم شهد قتالاً عنيفاً في العاصمة مقديشو. يومها اتهم رئيس الوزراء بالوقوف وراء الهزائم المتتالية التي تلحق بالقوات الحكومية بسبب تلكؤه في توفير القوات بالمعدات اللازمة. وكما اصطدمت طموحات إندعادي بالحقائق في ميدان الحرب في مقديشو، اصطدم تفاؤل وزير العلاقات الخارجية عبدالرحمن عبدالشكور بالواقع. كان عبدالشكور الساعد الأيمن لشيخ شريف أحمد أثناء محادثات الأممالمتحدة في جيبوتي في 2008 والتي تمخضت عن الحكومة الحالية. وهو كان من أكثر المتفائلين بنجاح الحكومة. إذ قال في أكثر من مناسبة إن «المجتمع الدولي عازم على مساعدة هذه الحكومة» وإن على الشعب الصومالي «أن يدرك خطر الجماعات المنحرفة». كذلك استقال وزير الدولة للقصر الرئاسي حسن معلم محمود ووزير الثقافة والتعليم العالي محمد عبدالله آومار اللذان قالا في مقابلة مع فضائية «يونيفاسول تيفي» الصوماليه ليلة الثلثاء إن السلطة في البلاد وقعت في أيدي نزر قليل من السياسيين، في إشارة إلى الرئيس ورئيس البرلمان، وإن السلطة التنفيذية بدأت تستحوذ على نظيرتها التشريعية بل تقوضها في بعض الأحيان. ويعتبر بعض السياسيين رئيس البرلمان المنتخب وزير المال السابق شريف حسن شيخ آدم بأنه أقوى من الرئيس نفسه. وتجمع الوزراء الذين تخلوا عن مهماتهم صفة واحدة: إنهم موالون للرئيس شيخ شريف شيخ أحمد. وكلهم باستثناء إندعادي لديهم جنسية بريطانية. ووزعت «حركة الشباب» أمس شريطاً مصوراً لرهينة فرنسية تحتجزه منذ السنة الماضية وظهر في الشريط مرتدياً ملابس كالتي يرتديها المسجونون في غوانتانامو وكالتي ارتداها بعض سجناء «القاعدة» في العراق قبل قتلهم.