لم يستمتعوا بطفولتهم كسائر الأطفال، فقد حكم عليها القدر بأن يعيشوا أيتاماً منذ صغرهم، إذ اختفى والدهم عن الأنظار منذ (15عاماً) ولم يسأل عنهم، ولم يقم باستخراج شهادات ميلاد لأطفاله ، وهو ما أدى إلى دخول هؤلاء الأطفال من صغرهم في دوامة أعاقتهم في كبرهم وشلت حركتهم. تقول أم سامي: «رزقت خمسة أبناء من زوجي المختفي منذ (15عاماً)، واستطعت في ظل غيابه أن أتحمل العناء والمشقة وأصرف عليهم من بضاعتي الصغيرة في المباسط النسائية، إلا أنني بعد كبر سني لم أستطع أن أكمل مشواري لظروفي الصحية». وتعود الأم الصابرة بالذاكرة إلى البداية، وتقول: «والدهم لم يستخرج لهم شهادات ميلاد وإنما استخرج لهم شهادة تبليغ فقط، وكنت دائماً أطالبه باستخراج شهادات ميلاد، فيقول لي «بعدين» إلى أن اختفى عن الأنظار»، متسائلة: «هل يرتبط مصير أبنائي بمصير والدهم المختفي وجميع أوراقهم كاملة». وتؤكد أم سامي أن ظروفهم المادية تجبرهم في كثير من الأحيان على بيع بعض الأغراض الشخصية والأثاث الموجود في البيت لتسد رمق أبنائها، موضحة أنها تحاول قدر الإمكان إخفاء هذه الظروف عنهم. وما يزيد من أحزان أم سامي أن أبنائها كثيراً ما يسألون عن مصير والدهم، وعن سر اختفاءه. بعد اختفاء والدهم منذ نحو 15 عاماً، عاشت العائلة في ضيق، وبدأت الدنيا تسود في وجوههم. لم تستطع والدتهم تحمل تكاليف رعاية أبنائها، وظلت تهتم بشؤونهم وتسعى لخدمتهم، وبذلت الغالي والنفيس من أجل راحتهم. وعلى رغم عدم قدرتها على مواصلة رعاية أبنائهم لتقدمها في العمر، إلا أنها لن تتخلى عن تلبية طلباتهم حتى يسهل الله لهم وظائف يقتاتون منها. يقول أحد المحسنين الذي يساعدهم بين فترة وأخرى (فضل عدم ذكر اسمه): «أوضاعهم يرثى لها، ووالدتهم أصبحت مستودعاً لآلام أبنائها، فهي عفيفة لا يعلم عن أوضاعهم إلا المقربون». وشدد على ضرورة إيجاد دخل شهري يكفيهم الحاجة إلى الناس أو مساعدة الأم في توظيف أبنائها.