ليس اعتراض قوات نظامية سفينة في أعالي البحار عملاً غير شرعي بالضرورة من وجهة القانون الدولي. وتسوّغ المعاهدات الدولية مثل هذه العمليات، إذا كانت ترمي إلى اعتراض سفينة تُلوّث المياه أو إذا حامت الشكوك على تهديد محتمل، على ما حصل في 2002 مع السفينة «كارين إي» المحملة بالأسلحة إلى السلطة الفلسطينية. والقوات الإسرائيلية اعترضت هذه المرة، أسطولاً صغيراً تحمل سفنه ناشطين مسالمين ينقلون مساعدة إنسانية. والاعتراض نفسه لا يستدعي التنديد، وما يستدعيه هو القوات الخاصة الإسرائيلية القوة «غير المتكافئة» أولاً، وحصيلة العملية الدموية، ثانياً. والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وهي تصفه بال «كيان المعادي»، يؤدي إلى فرض عقاب جماعي على نحو مليون ونصف مليون فلسطيني. وأعلنت وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاترين آشتون، أن «سياسة اغلاق المعابر غير مقبولة وغير مجدية». ودانت العواصمالغربية الوضع القائم، منذ سيطرة الحركة الإسلامية على القطاع. ويرى أستاذ الحقوق في جامعة القدس، كلود كلاين، أن القوات الإسرائيلية كان في وسعها اعتراض السفينة واصطحابها الى مرفأ إسرائيلي من طريق تحطيم المدسرة (مروحة الدفع). ويقول: «لا أفهم لماذا اتخذ قرار الهجوم وكيف. وبعد تلك الحصيلة المأسوية، صار الهجوم أسوأ من جريمة». ويعرب كلاين عن أمله بأن تحمل الأزمة السلطات الإسرائيلية على فك الحصار على غزة. وبحسب مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، رفعت اسرائيل حجم السلع المسموح دخولها إلى غزة. ولكن الزيادة طفيفة، ولا تكفي حاجات أهل غزة ومتابعتهم حياة طبيعية وكريمة. والحصار يخالف القانون الإنساني الدولي. وأهملت الأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية تعقب الموضوع، وملاحقة اسرائيل. وفي تقريره عن عملية «الرصاص المصهور» المرفوع إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي، أشار القاضي ريتشارد غولدستون إلى «العقاب الجماعي». وطعنت إسرائيل في جدية هذا التحقيق، ورفضت مشروعية الأممالمتحدة. والحادثة المأسوية الأخيرة تسهم في عزلة الدولة العبرية على الساحة الدولية، وتحمل الولاياتالمتحدة على انتقاد سياسة حكومة بنيامين نتانياهو في العلن، في وقت تواجه اسرائيل إلحاجاً دولياً مرتبطاً بترسانتها النووية. * مراسل، عن «ليبراسيون» الفرنسية 1/6/2010، إعداد حسام عيتاني