شدد أطباء اختصاصيون في مجال تحديد النسل على ضرورة إدخال أدوية موانع الحمل للرجال والنساء في المستشفيات الحكومية، كونها من الأدوية الأساسية المهمة، في حين أجاز عدد من رجال الدين استخدام موانع الحمل للرجال والعزل أثناء الجماع بين الزوجين بشرط رضا الطرفين. يأتي ذلك بعد أن تسابقت شركات الأدوية المتخصصة في موانع الحمل وعلاج الضعف الجنسي ومشكلات الإنجاب لعرض منتجاتها من خلال «مؤتمر تنظيم الأسرة والنسل» الذي نظم في محافظة جدة أمس، من أجل إبراز محاسن أدويتها في تحديد النسل وعلاج الخصوبة. وقال استشاري أمراض النساء والولادة وعقم وعضو اللجنة العلمية للمؤتمر الدكتور انتصار الطيلوني ل «الحياة» إن المؤتمر أوصى بضرورة إدراج أدوية منع الحمل في الصيدليات الحكومية، كونها أدوية أساسية وليست ترفيهية، إضافة إلى التوصية على تثقيف الرجال والنساء بشكل مكثف في شأن استخدام موانع الحمل وعوازل الإنجاب، وأشار إلى أن نسبة استخدام موانع الحمل بالنسبة للرجال بلغت 15 في المئة مقابل 85 في المئة للنساء في السعودية، مؤكداً أهمية تعليم كيفية استعمال معظم الطرق المتبعة في تنظيم الأسرة، ومنها اللولب الهرموني وكيفية استخدامه، والإبر طويلة الأجل المستعملة تحت الجلد في تنظيم الأسرة، وعمل ربط الأنابيب من طريق المنظار. من جهته، أوضح أستاذ نظم الحكم والقضاء والخبير في مجمع الفقهه الإسلامي الدولي البروفيسور حسن سفر ل «الحياة» أن تناول الرجل لأدوية منع الحمل من دون علم زوجته محرم شرعاً، ولا يجوز أن يقتل الحيوانات المنوية من دون موافقتها، ولا يجوز أن يعزل عنها في فراش الزوجية أثناء الجماع. وأضاف «إن أدوية منع الحمل للرجال تعد من «النوازل» العصرية التي يجب أن يكون فيها تكييف شرعي وطبي، بحيث لا تكون هناك خطورة على الرجل مثل التسبب بمرض العقم سواء انقطاع الإنجاب المطلق أو الموقت». وتابع «إن الشريعة الإسلامية جاءت لتحافظ على النسل الإنساني وفق قواعد وضوابط تنوعت بين المدارس الفقهية، فهناك من يجيز تنظيم النسل بغية مصلحة الزوجين، وآخرون يرون أن تحديد النسل يؤدي إلى الإضراب عن الإنجاب وفيه تعطيل لمقاصد الشرعية، فيما اختلف الفقهاء المعاصرون بين مؤيد ومعارض، متفقين في الوقت ذاته على إرجاع هذه المسألة إلى الفقه الطبي الشرعي لاعتبارات عدة». وألمح سفر في حديثه إلى أنه يجوز شرعاًَ تنظيم الندوات الطبية الخاصة بالتثقيف الجنسي والمتعلق بالوسائل الآمنة للزوجين في مسألة تناول أدوية منع الحمل أو استخدام الواقي الذكري من دون وجود أضرار للطرفين، بقصد تحديد النسل أو تأجيله لدواعي مرض أحد الزوجين. فيما أكد مدير مركز أخلاقيات الطب في المركز الطبي الدولي والعضو في المجمع الفقهي واستشاري أمراض الباطنية الدكتور محمد البار أهمية معرفة الفرق بين تحديد النسل وتنظيم الأسرة. وقال الدكتور البار ل «الحياة»: «هناك فرق واضح بين تحديد النسل وتنظيم الأسرة، فالتحديد يعني أن يحدد لكل أسرة طفل أو طفلان كما يحصل في الصين، حيث يمنع تجاوز ذلك وتعاقب الدولة من يفعل، وهذا مرفوض من الناحيتين الإنسانية والدينية، لأنه تدخل في الحرية الشخصية، ولا يمكن التدخل بين الرجل وامرأته، وهم من يقرر بشرط أن تكون الوسيلة موقتة وغير دائمة، وأن تكون الوسيلة غير ضارة، فإذا تحقق الشرطان فلامانع من التنظيم». وأوضح أن الناحية الطبية تدعو دائماً إلى التنظيم، بحيث يكون بين كل طفل وآخر سنتان فما فوق، نظراً لأن تتابع الحمل يضر المرأة، و لا يعطي الفرصة للطفل أن يأخذ حقه في الرضاعة، كما قال الله سبحانه «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة»، وهذا بالضبط ما أخذته منظمة الصحة العالمية «حولين كاملين». وكان المؤتمر ناقش مواضيع عدة مهمة في طرق تحديد النسل والحكم الشرعي ورأي الشرع في مختلف الوسائل المستعملة لتنظيم النسل، إضافة إلى المستجدات في هذا المجال، واستعراض آمن للطرق المناسبة لكل سيدة، وأهم المخاطر والجوانب السلبية لكل وسيلة وطريقة تلافيها. وقالت رئيسة قسم النساء والولادة في مستشفى الملك عبدالعزيز ومركز الأورام الدكتورة عائشة طربية ل «الحياة»: «إن تنظيم الأسرة لابد منه في السعودية أو أي مكان في العالم، لأن الهدف منه التباعد بين فترات الحمل لإعادة بناء صحة المرأة، وكي يأخذ الطفل حقه من الاهتمام». وأضافت: «هناك طرق حديثة في هذا المجال للرجل أيضاً، مثل الإبر والحبوب، ودول عدة بدأت استخدامها، إلا أنها لم تعرف بعد في السعودية، فكان هدفنا من هذا المؤتمر تعريف الناس بتلك الطرق».