قوبل إعداد القيادة الفلسطينية مشروع قرار ضد الاستيطان لطرحه في مجلس الأمن خلال زيارة مرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى نيويورك، بتروٍ عربي وعدم ترحيب فرنسي، في وقت واصل السفير الفلسطيني في نيويورك رياض منصور، لقاءاته الديبلوماسية لحشد الدعم للمشروع، وبينها اجتماع عقده مع السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر مساء الجمعة. وقال ديبلوماسيون في الأممالمتحدة إن مشروع القرار الفلسطيني وُزع على سفراء مجموعة الدول العربية في نيويورك «لكن المجموعة، العربية لا سيما مصر والمملكة العربية السعودية، فضّلت التمهل في طرحه في مجلس الأمن للوقوف على آراء المجلس الوزاري العربي» الذي ينتظر أن يدرس نص مشروع القرار وتوقيته في اجتماع خلال 10 أيام. وتقرر في اجتماع السفراء العرب في نيويورك «إحالة مشروع القرار على اللجنة العربية المصغرة التي ترأسها مصر وتضم الأردن والمغرب، وعلى المجلس الوزاري العربي لدرسه والاتفاق على الموعد المناسب لطرحه في مجلس الأمن»، وفق ديبلوماسيين شاركوا في الاجتماع. ومن المنتظر أن يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأممالمتحدة بين 20 و22 الشهر الجاري للتوقيع باسم فلسطين على الاتفاقية الدولية للمناخ. وقال مطلعون على الموقف الفلسطيني إن مشروع القرار «يحدد الموقف حيال ركن أساسي من حل الدولتين، وطرحه الآن في مجلس الأمن سيكون اختباراً مهماً لموقف المجلس والدول الأساسية فيه في شأن الاستيطان الذي تصفه كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن بأنه غير قانوني ويمثّل عقبة رئيسية أمام الحل السياسي». وينص مشروع القرار على اعتبار كل المستوطنات القائمة «غير شرعية» ويدعو إلى «الوقف الفوري والكامل لكل الأنشطة الاستيطانية». كما يدعو إلى «إطلاق مفاوضات ذات صدقية على كل قضايا الحل النهائي» بناء على «الأسس المتفق عليها وضمن الإطار الزمني الذي حددته الرباعية في بيانها الصادر في 21 أيلول (سبتمبر) 2010»، أي خلال عام واحد. واتفق السفراء العرب في نيويورك على «انتظار ملاحظات اللجنة العربية المصغرة على نص المشروع، على أن يدرس على مستوى المجموعة العربية في ضوء هذه الملاحظات، للاتفاق على مضمون مشروع القرار والوقت المناسب لطرحه في مجلس الأمن»، وفق ديبلوماسي شارك في اجتماع المجموعة العربية في نيويورك. وفسّر ديبلوماسي عربي هذا «المخرج» بأنه «إرجاء موقت للاندفاعة الفلسطينية». وبالنسبة إلى الموقف الفرنسي، قال ديبلوماسي غربي إن باريس «تعد لمبادرة خاصة بها وهي الدعوة إلى مؤتمر دولي حول عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية في العاصمة الفرنسية، من المفترض أن يحدد موعده قريباً، وهي ترى أن طرح مشروع القرار الفلسطيني الآن قد يعرقل جهودها». وأوضح أن «باريس لا تريد استفزاز الولاياتالمتحدة في شأن عملية السلام خلال فترة الحملات الانتخابية الأميركية، وبالتالي تعمل بحرص وروية على الإعداد لمبادرتها، بحيث تتمسك بإجماع الأطراف على عقد المؤتمر الدولي، وخصوصاً الولاياتالمتحدة». واعتبر أن طرح مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن الآن «قد يوجد عوامل ضاغطة غير مناسبة»، في إشارة الى رفض الولاياتالمتحدة طرح القرار في مجلس الأمن. وكان المبعوث الفرنسي الخاص بالشرق الأوسط بيار فيمونت، زار العواصم المعنية وبينها واشنطن قبل 3 أسابيع لمعرفة مواقفها في شأن إمكان عقد مؤتمر دولي في باريس العام الحالي «وتشاور معها في شأن تحديد موعد له»، وفق الديبلوماسي الغربي. ووصف المصدر نفسه التحضيرات الفرنسية بأنها «شهدت تقدماً محدوداً، لكن المشاورات التي تقودها باريس لعقد المؤتمر الدولي مستمرة بشكل حثيث، ونعتقد أن تحديد موعد المؤتمر سيتم قريباً». وأضاف أن «الأميركيين لم يعترضوا على فكرة عقد المؤتمر لكنهم لم يبدوا حماسة له، ونعلم أن الإسرائيليين يفضلون ألا يعقد المؤتمر من أساسه، أما الروس فهم متمسكون بصيغة الرباعية، من دون إبداء الاعتراض على عقد مؤتمر دولي». أما عن المواقف العربية التي سمعها فيمونت، فإن «مصر أيّدت عقد المؤتمر بشكل واضح»، وفق المصدر نفسه. وتمثّل مصر الدول العربية في مجلس الأمن للعامين المقبلين. وقال المصدر نفسه إن فرنسا «تعي المواقف المختلفة في شأن مبادرتها ولا بد أنها كوّنت تصوراً واضحاً حول مواقف الأطراف، ويتوقع أن تحدد موقفاً قريباً في شأن موعد المؤتمر». مشروع القرار وكانت السلطة الفلسطينية طرحت مشروع قرار مماثل في مجلس الأمن عام 2011 يؤكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية ويدعو الى الوقف الكامل والفوري لكل الأنشطة الاستيطانية. ويرتكز مشروع القرار الحالي على نص المشروع الذي طرح قبل 5 سنوات، مع تعديلات طفيفة. ويقع مشروع القرار الجديد في 8 فقرات تنفيذية تنص على أن مجلس الأمن «يؤكد من جديد أن المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت في الأرض الفلسطينيةالمحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدسالشرقية، غير شرعية وتشكّل عقبة رئيسية أمام تحقيق سلام عادل ودائم وشامل». ويكرر «تأكيد مطالبته إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أن توقف فوراً وبصورة تامة الأنشطة الاستيطانية كافة في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، بما فيها القدسالشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد». كما يدعو إلى وقف «كل أعمال الإرهاب والعنف والتدمير والاستفزازات التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم» ويدعو إلى «محاسبة مرتكبي هذه الأعمال غير القانونية». ويدعو الأطراف إلى «التقيّد بالقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، والاتفاقات الدولية، وممارسة ضبط النفس والتهدئة والامتناع عن الأعمال الاستفزازية والخطب التحريضية، بما يؤكد الالتزام بحل الدولتين وإيجاد الظروف المناسبة لإشاعة السلام». ويدعو «جميع الأطراف إلى أن تواصل، سعياً إلى تعزيز السلام والأمن، مفاوضاتها بشأن قضايا الوضع النهائي في عملية السلام في الشرق الأوسط وفقاً لمرجعياتها المتفق عليها وضمن الإطار الزمني الذي حددته المجموعة الرباعية» عام 2010، أي لعام واحد، و «يحض في هذا الصدد على تكثيف الجهود الديبلوماسية الدولية والإقليمية لدعم وتنشيط عملية السلام من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط». و «يهيب بكلا الطرفين العمل على أساس القانون الدولي والاتفاقات والالتزامات السابقة بينهما، بما في ذلك بموجب خريطة الطريق، التي تهدف، في جملة أمور، إلى تحسين الوضع على الأرض وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز عملية السلام».