كثفت قوات الجيش الجزائري نشاطها في مناطق يعتقد أنها تؤوي عناصر «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، ونصبت خلال الأيام الماضية مواقع «انطلاق» عسكرية، تمهيداً لعمليات كبرى في معاقل التنظيم، بالتزامن مع ظهور مكثف لقيادات سابقة في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» أكثر ما ترغب فيه هو تحقيق «هدنة» تمكن من «عزل» العناصر الراغبة في «عفو رئاسي» مرتقب. وحتى أمس، ظهرت نداءات عدة من قيادات مؤسسة للجماعة التي تحولت منذ عامين إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، تدعو عناصر التنظيم في شمال الجزائر، وقيادات إمارة الصحراء والساحل إلى «تطليق السلاح». وسمحت السلطات الجزائرية للمرة الأولى للرئيس السابق للجنة الإعلامية في الجماعة عمر عبدالبر ومسؤول اللجنة الطبية فيها «أبو زكريا» وأمير المنطقة التاسعة (الصحراء) سابقاً «مصعب أبو داود»، بمقابلة عدد من الصحفيين في مقر إقامة بالعاصمة. وتحدث عبدالبر متوجهاً إلى مسلحي التنظيم «الذين ما زالوا في الجبال»، قائلاً إنهم «سيجدون كل الثقة لدى السلطات العسكرية والأمنية والإدارية إذا وضعوا السلاح». ولمح إلى وجود رغبة من أتباع «أبو مصعب عبدالودود» للاستجابة لتأكيدات الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على سياسة المصالحة الوطنية. وأكد القياديون الثلاثة ما نشرته «الحياة» عن انضمام سمير سعيود «سمير مصعب» المسؤول السابق «للاتصال الخارجي» في التنظيم، إلى مسعى المصالحة الذي يقوده حسان حطاب مؤسس «الجماعة السلفية»، بعد تعافيه من إصابات بالغة في مكمن للجيش في خريف العام 2007 قرب بومرداس (50 كلم شرق العاصمة). ودخل على خط حطاب، نائبه السابق عماري صايفي (عبدالرزاق البارا)، بعد فترة اعتقال دامت خمس سنوات كاملة. وقالت مصادر أمنية ل «الحياة» إن صايفي المكنى «أبو حيدرة الأوراسي» يعمل على الاتصال بأتباعه السابقين في القيادة الصحراوية للتنظيم، وأشهرهم عبدالحميد أبو زيد «حميد السوفي» وعبدالحق القماري «أبو خباب»، من أجل دعوتهم إلى التوقف عن خطف السياح الغربيين. وقال صايفي في رسالته إن خطف الرعايا الغربيين «لا يخدم قضية ديننا في شيء، بل يخدم أعداءه. وقد كنت أول من قاد هذا العمل، وندمت عليه لعدم صحته شرعاً، ولأنه ليس من الجهاد في شيء»، في إشارة إلى عملية خطف 32 سائحاً أوروبياً التي قادها بنفسه العام 2003. وأضاف: «بعد تفحص وتمعن عميقين في الأمر كله، منّ الله عليّ بأن أبعدني عن ساحة العمل المسلح لأراجع نفسي أولاً، ثم أراجع ما حققته الجماعة منذ تأسيسها، وأوازن بين المصلحة والمفسدة، وجعلت مرضاة ربي ميزانا، فكان يقيني أن العمل المسلح في بلادنا جلب الكثير من الويلات لشعبنا وكان من الصعب تجنب الانحرافات كما كان حال الجماعة الإسلامية المسلحة سابقاً، وما هي عليه اليوم الجماعة السلفية للدعوة والقتال». إلى ذلك، نصب الجيش قواعد عسكرية في أكثر من منطقة في شمال البلاد وفي منطقة الصحراء، يعتقد أنها تؤوي عناصر التنظيم. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أمس أن ثمانية مسلحين واثنين من عناصر الجيش قتلوا في المواجهات خلال الأسبوع الماضي. وذكرت قيادات عسكرية أن حشوداً من الجيش مدربة على تضاريس الصحراء، اجتازت منطقة الحدود الجنوبية الى مالي للمشاركة في عملية واسعة قد تستغرق 12 شهراً. وشرعت وحدات الجيش أمس، مدعومة بوحدات ثقيلة، في تمشيط غابة حروزة ورجاونة الواقعتين شرق ولاية تيزي وزو وشمالها في منطقة القبائل. ويتوزع النشاط المرتقب لهذه القوات على جبهات مختلفة في البلاد. ويُعتقد بأن القوات ستعمل على تطويق بعض المدن والتجمعات الحضرية القريبة من غابات يشتبه في لجوء عناصر مسلحة إليها.