حذّر مختصون من تنامي الأخطار البيئية المحيطة بمياه الخليج العربي، مطالبين ب «حلول سريعة»، توقف «العبث» في البيئة البحرية، مشيرين إلى تناقص «حاد» في الثروة السمكية في السنوات الماضية. وتأتي هذه «التحذيرات»، في أعقاب ما شهده كورنيش سيهات (محافظة القطيف) خلال الأيام الماضية، من ظهور بقع ملوثة، كانت في الأولى «وردية اللون»، لتليها بعد أيام أخرى «سوداء». ورفض ناشطون بيئيون التعامل مع الملوثات البيئية بسياسة «المسكنات»، داعين إلى إيجاد «حلول واقعية». وذكروا أن «الأخطار المحيطة بمياه الخليج لا تتمثل في مياه الصرف الصحي، وما يسكب منها، بل تتعدى ذلك إلى ما يطلق عليه «مياه التوازن»، التي تلقيها حاملات البترول في سواحل المنطقة الشرقية». وطالب عدد من المهتمين بضرورة أن يكون للجهات المعنية «دور في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البيئة البحرية، ومحاسبة الجهات المتسببة في ذلك»، وهو ما وعد به المتحدث الإعلامي ل «الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة» الدكتور حسين القحطاني، في حديثه إلى «الحياة»، مشيراً إلى «محاسبة الجهات المتسببة، سواء أكانت جهات أهلية أم حكومية». وتكمن المشكلة البيئية في مياه الخليج العربي في «الخطر المحدق» بالكائنات البحرية التي تشكل معظمها «مصدر غذاء للدول الخليجية كافة». في الوقت الذي لا تزال عدة جهات مسؤولة تتحرك ب «بطء شديد» لمعالجة هذه المشكلة. ويقدر عدد السفن التي تبحر في مياه المملكة بأكثر من 11 ألف باخرة سنوياً. فيما تتركز معظم النفايات البحرية التي تلفظها في مياه الخليج، وقد تكون سواحل الشرقية من أكثر المناطق تعرضاً للتلوث بحكم وجود الموانئ النفطية، إضافة إلى كون ضخامة الكميات المصدرة من موانئها». وأشار مختصون إلى أن «ناقلات النفط القادمة من المحيط الهندي، تقف في موانئ المنطقة، لفترة زمنية محددة، حيث تقوم بملء حاوياتها من الماء لحفظ التوازن. فيما تقوم بتفريغ هذه المياه المختلطة بالنفط في مياه الخليج العربي. وذلك عند تعبئة حاوياتها بالنفط مجدداً». وكشفت دراسات بيئية نشرت أخيراً، أن «التلوث النفطي في مياه الخليج العربي بلغ أكثر من 47 مرة من التلوث على المستوى العالمي بالنسبة إلى وحدة المساحة. ويأتي 77 في المئة من التلوث من عمليات الإنتاج البحري والناقلات». وشددت المملكة على ضرورة حماية مياه البحار من التلوث البيئي، وذلك بعد أن وقعت معاهدة «ماربول العالمية لحماية البحار من التلوث». وتضمنت هذه المعاهدة «إنشاء مرافق استقبال في موانئ السعودية لمعالجة مخلفات السفن والناقلات، من أجل المحافظة على البيئة البحرية والساحلية». بدوره، اعتبر المستشار البيئي عبدالرحمن الكلثومي، في تصريح إلى «الحياة»، الموانئ «من أكبر مسببات التلوث البيئي في المملكة»، عازياً السبب إلى «عدم تنفيذ الضوابط التي تتمثّل في توفير محطات استقبال، تعوض بدورها عن قيام الباخرة بإنزال المياه المحملة بالبترول في عرض البحر». وقال الكلثومي: «البواخر التي تصل إلى ميناء رأس تنورة تأتي محملة بالمياه المختلطة بالبترول، ولعدم وجود محطات استقبال، تضطر هذه البواخر إلى إفراغ حمولتها في البحر. وقانوناً تُلزم أي محطة تحميل بتوفير محطات استقبال، لمعالجة هذه المياه». وجزم بأن «الموانئ أحد مسببات التلوث، وهناك ضوابط لا تطبق في قوانيننا»، مستثنياً من ذلك مدينة الجبيل. وأوضح أنه «لا يوجد من يطلب بياناً بالمواد التي تخرج من هذه البواخر». فيما شدد نائب رئيس جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية جعفر الصفواني، أن «الملوثات البحرية توجد بين الحين والآخر على الساحل الشرقي، ويؤثر ذلك في البيئة البحرية وكثيراً ما تنتج من قبل ناقلات النفط التي تقوم بتفريغ حمولاتها من المياه المخزنة بداخلها لتستبدلها بالنفط عند قدومها لدول الخليج». وأشار إلى أن هذه الكميات التي ترمى في البحر «تتسبب في تلوث البيئة، وتجدد الأوجاع لما مرّ على هذه السواحل أيام حرب الخليج الأولى والثانية، والتي بقي أثر وجود النفط على بعض السواحل إلى الآن منذ ذلك الوقت، كشاطئ محافظة رأس تنورة». وقال الصفواني: «إن سواحل السفانية إلى الجبيل وفي أماكن الخرصان تحديداً، وعند ركود المياه ما زالت آثار حرب الخليج الثانية موجودة في هذه الأماكن، إذ يصل النفط إلى عمق يراوح بين 20 إلى 50 سنتيمتراً متراكماً. وتزداد أضراره في أيام الصيف حيث الحرارة المرتفعة». وأكد أن آثار ذلك «تظهر في بعض الأسماك مثل «الخوفع» و«القرقفان»، لافتاً إلى أن «تأثير التلوث على السواحل يبلغ نسبة 70 في المئة وهذه النسبة جاءت من خلال تحري الجمعية، واستقرائها مع الصيادين».