مرهقة أنا ومتعبة وخائفة لدرجة أنني لا أستطيع فيها حماية نفسي وتحمل مسؤولية أقوالي وانفعالاتي، عمري مئة عام، وجهي مجعد وصوتي ضعيف وبريق عيني مختف وأخاف من السفر على الطائرة وعلى الباخرة وعلى رغم كل ذلك مجبرة على السفر! نعم، نعم أؤكد لك هذا ليست مجازفة مني ولا ممازحة، هذه حقيقة أشعر بها، فالحر لا يطاق ودرجات الحرارة العالية تعلي الضغط وتغلي الماء من دون داعٍ لبوتاجاز وأنا كلي على بعض «طنجرة» ضغط وحمى السفر تزيدها غلياناً، فكل من حولي اليوم لا يسألني عن حالي ولا صحتي ولا مالي فقط: فين مسافرين؟ ع الفليبين، ع تنورين، يا أخي ما إحنا مسافرين! لحد هون وبس، هوّن عليك، توقف، احترم نفسك! حتسافر يعني حتسافر. أنت طبعاً لن تجيبه: يا أخي ارحمني، أنا من ذوات الدخل المحدود والحب المحدود والعطاء المحدود، فكيف أسافر والسفر مثل العشق بدو مال كثير. ولكن من يفهم؟ ومن يفهم أنه أصبح مستحيلاً عليّ أن أعيش السنة كلها لا أروح ولا أجي ولا أستمتع وأدخر بل أستدين من أجل أن أسافر! ولا استوعب لساعتك كيف بإمكاني أن أعيش مدينتي كل يوم من أيام السنة كصالة انتظار في مطار حتى يحين موعد إقلاع الطائرة. أنا أعرف وأفهم أن الناس كلها في كل أنحاء العالم يستمتعون بمدينتهم أو حتى قريتهم أو حتى باديتهم إلا أنا. ما الذي يمنع أن أفرح بمدينتي؟ أنا التي أعرف أبوابها ونوافذها وحدائقها وساكنيها. لكن مشكلتي أنني لا أفتح الأبواب ولا النوافذ ولا أزرع ولا أسمّد ولا أسقي جنائنها، أنا أقفل على نفسي وأقفل عليها كل شيء ثم أقول ضايق خلقي! عايزة اتفسح، لكن الحالة تعبانة يا ليلى فسحة ما فيش وسفرة ما فيش فما العمل؟ العمل أن أفعل من مدينتي فسحتي! وأنا عليّ أتم الأبهة لتطوير كل سبل الترفيه الجميل البريء لها، لا ليس لي، لقد قلت بكم انني عجوز عمرها مئة عام، وسبل الترفيه للشباب ليعيش معنا ولا يعيش معاناتنا، وهذا يقتضي مني أن أرسل باقة ورد لرعاية الشباب لينسوا المنتخب وينتخبوا الشباب، لذا فإنني أنادي بالنوادي يا سلام: *أنادي بالنوادي* عبارة تسويقية لو بعتها على أي تاجر سيتبناها وستقرأها في كل صحيفة وستشاهدها في كل محطة تلفزيونية وستطلع لك ما بين كل رسالة ورسالة على جوالك، وسيصبح عندنا أندية للشباب وستنجح الفكرة. ومن ثم سأقوم بإرسال طبق حلوى لهم لإبداء حسن النية ليرحموا الشابات ويكون لكل شابة ناد لها وصديقاتها يذهبن إليه. نحن ذاتنا نخاف على بناتنا أكثر من خوف أي إنسان آخر. ولذا بودي أن أرسل لمسؤولات التربية والتعليم إبريق شاي حتى لا يفور دمهن وهن يسمعن رجائي بأن تكون هناك «مرشدات» يذهبن برحلات كشافية ليتعلمن مثلاً الإسعافات الأولية أو أقل مما قد تحتاجه بنت من أجل تغيير لمبة أو تركيب برغي في كادر صورة باعتبار أننا محافظات ولا نظهر على غريب أو قريب، لذا معليش حد يعلمها عن تشغيل غسالة أو تعليق غسيل بملاقط يا جماعة أي شيء للشابات سوى الجوالات. أما الشباب فلا حول لهم ولا وجع رأس، ينطقّوا يشبعوا بلوت على الساحة الفكرية والأيدلوجية طالما أن هيئة السياحة تفكر باستقطاب سياح من برّة. لذا فلن أرسل لهم لا ورود ولا حلوى، أنا زعلانة عليهم، يا أخي عايزة سياحة في مدينتي، وتشجيع لكل من عنده مشروع سياحي، وأريد تسهيلات لهذه المشاريع حتى يلعب الأولاد بالأراجيح والملاهي ويتلهى الشباب وتستفيد من وقتهن الشابات، فلم يعد أمام هذا الكم الهائل منهم، ربي يخليهم ويحوطهم ويحميهم، لم يتبق لهم من سياحة وترفيه سوى التسكع في الشوارع والحارات وتدبير ألف حيلة وحيلة لتدخين سيجارة وإجراء حوار مغلق مع قطة! خلف الزاوية تسألني عن صيفي الجديد والصفاء وعيناي منذ التقيتك فصل شتاء [email protected]