شكلت زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أل ثاني إلى عمان أمس، مفاجئة للنخب السياسية وحتى لبعض المسؤولين الرسميين والساسة القريبين من مراكز صنع القرار في العاصمة عمان. إذ جاءت الزيارة، وهي الأولى منذ توليه مقاليد الحكم في حزيران (يونيو) الماضي، وسط أجواء من فتور العلاقة بين الدوحةوعمان، اثر اختلاف الموقف والرؤية إزاء العديد من الملفات العربية، لاسيما الموقف من الملفين المصري والسوري. وقالت مصادر رفيعة في الديوان الملكي الأردني ل «الحياة» إن الزيارة «مرتب لها منذ مدة»، نافية أن يكون لها أي صلة بالخلافات الخليجية- الخليجية، في إشارة إلى الأزمة الناشبة بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وبين قطر من جهة أخرى. وكانت هذه المصادر تنفي تقارير صحافية، أشارت إلى أن هناك وساطة أردنية تبذل في الخفاء لرأب الصدع وتقريب المسافات بين دول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح مصدر في الحكومة الأردنية انه «لا توجد حالياً أي وساطة يبذلها الأردن في هذا الخصوص، وزيارة الأمير تميم تهدف أساساً إلى تمتين العلاقات بين عمانوالدوحة»، لكنه أردف أن «المملكة لن تتوانى عن بذل أي جهد، إن طلب منها ذلك». وكان الملك عبدالله الثاني وشقيقه الأمير علي ابن الحسين اضافة إلى كبار موظفي البلاط الملكي، استقبلوا الأمير تميم والوفد الرفيع المرافق له في مطار ماركا شرقي عمان، وجرت مراسم استقبال رفيعة. ونقل بيان أول اصدره الديوان الملكي الأردني عن الأمير تميم قوله لدى وصوله المطار «ما من شك أن زيارتي هذه، ستتيح لنا فرصة طيبة لتبادل الرأي والتشاور معاً حول أهم قضايانا العربية والإسلامية، التي تتطلب منا تعزيز التعاون، وتدعيم التنسيق بين بلدينا الشقيقين، لاسيما في هذه الظروف الدقيقة والتحديات الكبيرة التي تحيط بأمتنا العربية». وأصدر الديوان بياناً ثانياً قال فيه إن الملك عبد الله «انتقل وسمو الأمير الضيف إلى قصر بسمان، لإجراء محادثات عميقة، تخللها مأدبة غداء أقيمت على شرف الشيخ تميم». وأضاف أن «الملك كان في مقدمة مودعي الشيخ أل ثاني في المطار». وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي اقروا العام 2011 دعماً مالياً للأردن مقداره خمسة بلايين دولار على مدى خمس سنوات تتحملها كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت بواقع 1.250 بليون دولار لكل دولة لتمويل مشاريع تنموية. وقالت الحكومة الأردنية في وقت سابق إنها حصلت على الدعم المادي من الدول المذكورة، باستثناء دولة قطر التي لم تقدم ما عليها. ويفترض أن يكون ملف المنحة القطرية قد بحث على الطاولة أمس، لكن بيانات الديوان الملكي الأردني لم تشر صراحة إلى ذلك. وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور قال سابقاً، وهو يرد على استفسارات الصحافيين حول وجود أزمة صامتة بين الأردنوقطر، أنه «لا توجد مجابهة أو مواجهة في المجال العربي المشترك مع قطر»، لكنه لمح إلى وجود تباين في وجهات نظر البلدين. وفي الدوحة، اعلن انه «تم خلال جلسة المحادثات استعراض العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين الشقيقين وسبل تنميتها وتعزيزها في كل المجالات، إضافة إلى بحث تطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك». وأكدت مصادر ل «الحياة» أن الشيخ تميم سيزور السودان الأربعاء المقبل، وسيجري محادثات تتناول العلاقات الثنائية والوضع في السودان وبخاصة دارفور. ورجحت مصادر تحدثت ل «الحياة» أن يكون الشيخ تميم وملك الأردن تطرقا اضافة إلى موضوع دعم العلاقات والتشاور حول مسائل تهم البلدين إلى «قضايا الساعة في المنطقة وبينها الأزمة السورية والخلافات داخل البيت الخليجي وأهمية دعم العمل العربي المشترك».