الهجرة موضوع شائك بنظر السياسيّين في المملكة المتّحدة. ومع أزمة اللاجئين التي تدفع بأفواج من الناس إلى محاولة الانتقال للعيش في هذه الدولة، وامتلاك مواطني الاتحاد الأوروبي الحقّ بالإقامة والعمل فيها، تسلّط عناوين الصحف الرئيسة الضوء باستمرار على عدد الناس الذين ينتقلون كلّ سنة للعيش في المملكة المتّحدة. ووسط الضغوط التي يرزح تحتها قطاع الخدمات العامّة ونظام الضمان الاجتماعي، مع سماحهما لبعضٍ المهاجرين الواصلين حديثاً بمطالبة الحكومة بمنافع، تزداد الأجواء السياسيّة احتداماً. والواقع أنّ السياسيّين بدورهم يرزحون تحت الضغوط، بسبب الاستفتاء الشعبي المقرّر إجراؤه في وقت قريب جدّاً لا يتعدّى حزيران (يونيو) المقبل، حول ما إذا كان ينبغي بالمملكة المتّحدة البقاء ضمن إطار الاتّحاد الأوروبي أم لا. وبالنظر إلى أنّ الهجرة وحرّية التنقّل هما من أهم المسائل المتداوَلة في النقاش الأوروبي، تواجه الحكومة سلسلة عقبات على صلة مباشرة بموضوع الهجرة. تتوق الحكومة إلى محاولة الحد من أعداد الناس المنتقلين للعيش في المملكة المتّحدة، وإلى الترويج للخطوة، وتريد التأكّد من أنّها على علم بهويّات الأشخاص المقيمين في البلاد ومطّلعة على أفعالهم. وفي الآونة الأخيرة، جرى إرساء أنظمة جديدة في إنكلترا، وبموجبها، أُلقيت مسؤوليّة جديدة ومعقّدة على عاتق المستثمرين الذين يملكون أملاكاً سكنيّة في البلاد ويؤجّرونها. اعتدنا جميعاً منح المحامين، والمحاسبين، والمصارف نسخاً عن جوازات سفرنا، ووثائق تُظهر عنوان سكننا لإثبات هويّتنا. ومع الأنظمة الدوليّة المناهضة لتبييض الأموال، تكاد متابعة الأعمال تكون مستحيلة في الدول المتقدّمة إن لم تعمل أوّلاً على إثبات هويّتك. وبموجب نظام الهجرة الجديد الذي أصبح قانوناً في 1 شباط (فبراير)، يُطلب من المالكين التأكّد من جوازات السفر والتأشيرات العائدة إلى المستأجرين وعائلاتهم. وينطبق الأمر على أيّ شخص يزيد عمره على 18 سنة ويقيم في الأملاك التي جرى تأجيرها. ومثال على ذلك، لا بدّ لابن أحد المستأجرين، البالغ عمره 19 سنة، أن يثبت حقّه بالبقاء في المملكة المتّحدة، حتّى لو لم يرد اسمه في عقد الإيجار. وسيكون على أيّ شخص يريد استئجار أملاك سكنيّة في لندن كمقرّ رئيس لإقامته أن يثبت حقّه بالإقامة في المملكة المتّحدة. وبالتالي، بات المالكون مضطرّين فجأة إلى التحوّل إلى خبراء في قانون الهجرة، وأن يعرفوا عن مستأجريهم وعائلاتهم أكثر بكثير ممّا يعرفونه عنهم اليوم. قلّة فقط من مالكي العقارات السكنيّة تفهم تعقيدات قانون الهجرة البريطاني. وبالتالي يكثر الاحتمال بأن يواجه المهاجرون الآتون إلى المملكة المتّحدة والراغبون في استئجار منزل رفض المالكين بتأجيرهم الأملاك، في حال تبيّن أنّ وضعهم كمهاجرين معقّد، أو أنّهم لا يملكون مستندات تشير بوضوح إلى حقّهم بالإقامة الدائمة في البلاد. وليس الآتون من الخارج الوحيدين الذين سيواجهون صعوبات وتعقيدات أكبر، متى قرّروا استئجار أملاك، إذ إنّ 9.5 مليون شخص في إنكلترا وويلز لا يحملون جوازات سفر، وبالتالي، سيصعب عليهم أن يثبتوا حقّهم بالإقامة الدائمة في المملكة المتّحدة، ويُستبعَد بالتالي احتمال أن يؤجّرهم المالكون منزلاً. أمّا المحامون والوكلاء العقاريّون، الذين يقدّمون الاستشارات للمالكين، فسيعملون لإرساء أنظمة تساعد عملاءهم على الالتزام بالقوانين السارية. إلاّ أنّ الوكالات العقاريّة ستواجه التعقيدات هي التالية، عند تقديمها الاستشارات في شأن قانون الهجرة. وعلى رغم ذلك، لا بدّ أن تفعل ذلك، وفي الشكل الصحيح، وإلاّ ستضطرّ إلى دفع غرامة بقيمة ثلاثة آلاف جنيه إسترليني، مع احتمال تجريمها إن لم تفعل كلّ ما هو مطلوب في الشكل الصحيح. وفي المستقبل، سيكتفي المالكون الراغبون في تجنّب هذا الخطر في تأجير أملاكهم للأشخاص الذين يملكون حقّاً بسيطاً وواضحاً وجليّاً بالإقامة في المملكة المتّحدة. من شأن أيّ مالك عقار سكني مؤجَّر في المملكة المتّحدة أن يطلب استشارات في أقرب وقت ممكن، بالنظر إلى أنّ الأنظمة أصبحت سارية المفعول في مطلع شباط (فبراير)، للتأكّد من أنّه وضع ما يلزم من آليّات للتقيّد بما صدر من قوانين جديدة وبالغة القسوة.