كشفت التحقيقات في تفجيرات بروكسيل، ارتباطاً متزايداً بين الارهاب وعالم الجريمة، من خلال تورط أشخاص وردت أسماؤهم كمطلوبين في جرائم، بالاعتداءات التي لم تقتصر الملاحقات في إطارها على مشبوهين بالانتماء إلى جماعات متشددة. وشكل ذلك تأكيداً لما حذر منه مسؤولون أمنيون في الاتحاد الأوروبي أخيراً، من تزايد الصلات بين تنظيم «داعش» والعصابات الإجرامية بدءاً، بمافيا بيع السلاح في البلقان وصولاً إلى صغار تجار المخدرات. وتناسب مهارات هؤلاء المجرمين في تكوين شبكات اتصال والاستعانة بمعارفهم في عالم الجريمة، عمل خلايا المتشددين الإسلاميين. وتتزامن تلك المعطيات مع اتساع نطاق حملة الملاحقات للمتورطين في تفجيرات بروكسيل لتشمل ألمانياوإيطاليا ودول أخرى في الاتحاد، مع توجيه الادعاء البلجيكي مزيداً من التهم، شملت أربعة موقوفين أمس، وذلك بشبهة التورط في دعم وتسهيل مهمة منفذي تفجيرات بروكسيل ومنذ وقوع اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بدأت تتكشف أدلة، على ماض إجرامي لمنفذيها وأبرزهم عبد الحميد أبا عود وصلاح عبد السلام، وصولاً إلى ماضي الشقيقين إبراهيم وخالد البكراوي منفذي تفجيرات بروكسيل اللذين اعتنقا أفكاراً متطرفة في السجن وأصبحا يدوران في فلك تنظيم «داعش». ويرى خبراء أن السلطات البلجيكية فشلت في التعرف إلى متشددين من أمثال الشقيقين البكراوي لأنها كانت تنظر إلى «القائمة الخطأ» لمن تحوم حولهم الشبهات ولم تعتبرهما من أهدافها في مكافحة الإرهاب، ذلك أن الشقيقين كانا يوصفان لدى السلطات بأنهما من رجال العصابات ووضعا على لائحة المجرمين الذين تحركهم دوافع المال، في حين أن السلطات التي تطارد المتشددين الإسلاميين ركزت على من لهم نشاط ديني. وثبت خطأ هذا الأسلوب. وأكد مسؤول في الحكومة البلجيكية دمج لائحتي المشبوهين الأمر الذي اقتضته ضرورة الجمع بين موارد المعلومات من إدارات الشرطة المختلفة. كذلك اعتقلت السلطات الإيطالية الجزائري جمال الدين عوالي بطلب من بلجيكا، وذلك للاشتباه في إصداره وثائق سفر ومستندات أخرى مزورة لمتشددين لهم علاقة باعتداءات بروكسيلوباريس، علماً أن النشاط الرئيسي لهذا المطلوب المقيم في جنوبإيطاليا، استند إلى تسهيل الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وإضافة إلى الموقوفين الأربعة لديها وأبرزهم فيصل شيفو الذي ظهر في صورة كاميرا المراقبة الأمنية في مطار بروكسيل معتمراً قبعة بيضاء، أعلنت النيابة الفيديرالية البلجيكية توقيف أربعة أشخاص جدد إثر 13 عملية دهم في مدن عدة أمس، بعد خمسة أيام على اعتداءات بروكسيل. أتى ذلك غداة توجيه التهمة رسمياً إلى شيفو المشتبه به الرئيسي وثلاثة آخرين من بينهم شخص يدعى عبد الرحمن اعتقل يوم الجمعة الماضي، بعد إصابته بالرصاص خلال عملية دهم في بروكسيل. كذلك أفادت تقارير في ألمانيا أن وكالات أمن أوروبية تلاحق ثمانية أشخاص على الأقل، يشتبه بأنهم متورطون في اعتداءات باريسوبروكسيل. وكشفت التقارير أن غالبية المشبوهين، فرنسيون وبلجيكيون موجودون في سورية أو فارون في أوروبا، وكانوا على اتصال بعبد الحميد أبا عود العقل المدبر لاعتداءات باريس الذي قتلته الشرطة الفرنسية في تشرين الثاني الماضي، وكذلك صلاح عبد السلام المتورط بالاعتداءات والذي اعتقل في بروكسيل الشهر الجاري. ويبدو أن منفذي التفجيرات في مطار بروكسيل ومحطة مترو في المدينة الأسبوع الماضي، استخدموا خبرات إجرامية للتملص من الشرطة وتمويه تحركاتهم، إذ اختاروا مكاناً مثالياً في مبنى سكني خال في أحد الشوارع الهادئة لإعداد قنابل استخدموها في هجماتهم. وعمد منفذو تفجيرات بروكسيل إلى نقل كميات من الكيماويات المتوافرة للاستخدامات المنزلية، إضافة إلى حقيبة مليئة بالمسامير لتصنيع مسحوق أبيض متفجر غير ثابت يعرف باسم «تي أي تي بي» (تراي اسيتون تراي بيروكسيد). ويسلط اختيارهم لمتفجرات منخفضة التكلفة من بين مكوناتها مطهر لمواسير الصرف ومزيل لطلاء الأظافر، الضوء على وسائل بدائية لصنع القنابل تتوافر مكوناتها بسهولة، الأمر الذي يعزز المخاوف من صعوبة رصد اعتداءات قبل وقوعها.