قدم رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل أمس إلى البرلمان المصري برنامج حكومته الذي هيمن عليه ملفا الأزمة الاقتصادية، والهجمات الإرهابية، باعتبارهما من التحديات التي تواجهها البلاد في الفترة المقبلة، كما تطرق إلى ملف «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا متعهداً «عدم المساس بحصة مصر من المياه»، ووعد ب «ترسيخ البنية الديموقراطية واستقلالية الصحافة والعمل على تعزيز الدور المصري دولياً». وطالب إسماعيل النواب بالحصول على ثقتهم، لكن تظاهر العشرات أمام مقر البرلمان في قلب العاصمة بالتزامن مع وجود إسماعيل، مثَّل رسالة كون الإجراءات التقشفية التي تضمنها البرنامج ستكون لها تأثيرات اجتماعية. وقرر رئيس مجلس النواب علي عبدالعال تشكيل لجنة برئاسة وكيل المجلس النائب محمود الشريف لدراسة برنامج الحكومة الذي حمل عنوان «معاً نستطيع»، تضم اللجنة رؤساء الهيئات البرلمانية وعدداً من الأعضاء المستقلين. ووفقاً للدستور فإن البرلمان المصري ملزم بالتصويت على البرنامج الحكومي خلال شهر من تقديمه. وكانت جلسة الأمس بدأت باعتلاء رئيس البرلمان المنصة الرئيسية، قبل أن ينقل للنواب رسالة تلقاها من الرئيس عبدالفتاح السيسي يخطرهم فيها ب «استمرار تكليف إسماعيل وأعضاء وزارته، وتضمنت الرسالة طلب السيسي عرض برنامج الحكومة على المجلس، داعياً أن تحظى الحكومة بثقة النواب لتحقيق ما تصبو إليه البلاد من رقي ورفعة». ويلزم الدستور المصري الحكومة بعرض برنامجها على مجلس النواب لكي تحصل على ثقته. فوفقاً للمادة «146» من الدستور «يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُد المجلس منحلاً». قبل أن يدعو عبدالعال، رئيس الحكومة لإلقاء بيان حكومته، الذي بدأ كلمته بدوره بقراءة قرار الرئيس في شأن التعديل الوزاري الذي أجري الأسبوع الماضي، قبل أن يبدأ باستعراض برنامج عمل الحكومة، للعامين ونصف العام المقبلة، أي حتى نهاية ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسي في حزيران (يونيو) 2018. ورأى أنها «لحظة تاريخية... تجسد حق الشعب ممثلاً في نوابه، في أن يقروا برنامج عمل الحكومة، كجزء من عقد اجتماعي وسياسي، بين الشعب والسلطة التشريعية، لحظة تجسد تكامل العمل السياسي، بين دستور ينظم ويضبط، ورئيس يوجه ويتابع، وبرلمان يشرّع ويراقب، وحكومة تنفذ وتتحمل المسؤولية، وقضاء يضمن الحقوق وينصف المظلوم، وجيش يردع ويبني، وشرطة تنفذ القانون، ومجتمع أهلي ومدني يساند ويدعم، وإعلام حر ومنضبط، وشعب ذي سيادة يتحوّل يوم الانتخاب من محكوم إلى حاكم، يأمر ويقرر. وحدد إسماعيل التحديات التي تواجه بلاده، لافتاً إلى أننا نجحنا في «تحقيق بعض من تقدم ضمن لبلادنا الاستقرار الذي تسعى إليه، لكننا ما زلنا في مرحلة الخطر»، وتعهد عدم «التهاون مع الفساد... وسنعمل مع القطاع الخاص... ونعالج البيروقراطية ونعيد بناء الجهاز الإداري للدولة على أسس الكفاءة والنزاهة والفاعلية». وأشار إلى أن ارتفاع معدلات النمو السكاني التي بلغت 2.6 في المئة سنوياً لتكون من أعلى المعدلات على مستوى العالم، وهو ما «يمثل تحدياً رئيسياً أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر». وأضاف أن «ارتفاع الفجوة التمويلية للاقتصاد القومي، ونقص الاحتياطي الدولاري، وتراجع نسب الاستثمار، وانخفاض معدلات الادخار المحلية، كما تُلقِي خدمة الدين العام بأعباء ثقيلة على الأجيال الحالية والمقبلة»، لافتاً إلى أنه في أعقاب ثورة 25 يناير حدث ارتفاع في فاتورة الدعم من 94 إلى 188 بليون جنيه... والأجور من 86 إلى 199 بليوناً، ولذلك فإن أكثر من 75 في المئة من الموازنة العامة يوجه للإنفاق على الأجور والدعم وفوائد الدين العام، تاركاً نسبة أقل من 25 في المئة للإنفاق على صيانة وتطوير البنية الأساسية والخدمات المقدمة للمواطنين من تعليم وصحة وإسكان ومرافق... كما لا يخفى على أحد انخفاض تنافسية الاقتصاد المصري، والحاجة إلى الإسراع بالإصلاحات الهيكلية المعززة للتنافسية. وقبل أن يعلن إسماعيل سلسلة من التعهدات ضمن أهداف الحكومة خلال الفترة المقبلة، فأكد أننا «جادون في عملية الإصلاح على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية». ورأى أن المشكلات والتحديات كبيرة وضخمة، و»لكننا عازمون على اتباع المنهج العلمي السليم في مواجهتها». وكشف أنه «علينا اتخاذ العديد من القرارات الصعبة التي طالما تم تأجيلها، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه وأصبح اتخاذ هذه القرارات حتمياً حتى نخطو إلى مستقبل أفضل».