توقّع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ان يتحرك الرئيس الأميركي باراك أوباما «بقدر أكبر من الحرية» في عملية السلام بعد انتهاء انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. واعتبر أن توجيه ضربة إلى إيران «يعرض المنطقة العربية إلى الخطر»، لكنه رأى أن تأثير طهران على «حزب الله» وحركة «حماس» بات «أكثر وضوحاً». وأقر أبو الغيط في مقابلة أجرتها معه «الحياة» أمس في فندق قرب نيس حيث يقيم الوفد المصري إلى «قمة أفريقيا - فرنسا» الذي يقوده الرئيس حسني مبارك، بأنه «لم يحدث أي تقدم حتى الآن» في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال إن «المنهج الأميركي هو طرح أسئلة على الجانبين والحصول على إجابات ثم طرح أسئلة والحصول على إجابات، والتوصل إلى تراكم معلوماتي يمكن الولاياتالمتحدة في لحظة محددة من طرح أفكار». وأضاف أن «هذا الأسلوب في التعامل نجح سابقاً في قضية مماثلة، وهي قضية ارلندا الشمالية، لكنه يأخذ وقتاً. وتقديري أن الجانب الأميركي يريد الإسراع بإيقاع المفاوضات غير المباشرة لتحويلها في شكل سريع إلى مفاوضات مباشرة. لكن كي يتحقق هذا، يجب أن يكون هناك تقدم يقنع الجانب الفلسطيني والعربي أن هناك حركة إلى الأمام». ورأى أن «المشكلة أن إسرائيل لا ترغب في الدخول إلى صلب التسوية إلا من خلال مفاوضات مباشرة، والجانب الفلسطيني يريد مناقشة القضايا الأساسية فوراً مع ضمانات أساسها وقف الاستيطان. وهذا ما سيسعى أوباما إلى تحقيقه خلال لقائه الطرفين في واشنطن. ونأمل أن يؤدي هذا إلى نتيجة حتى لا يجد العرب أنفسهم في وضع لا يسمح إلا باللجوء إلى مجلس الأمن. والإطار الزمني المتاح لنا هو آب (اغسطس) المقبل». ورداً على سؤال عن التكهنات بقرب وقوع حرب شاملة في المنطقة، قال إن «من المبكر أن نتحدث عن توجه غربي للتصدي لإيران عسكرياً، ونرى أن من المهم عدم الوصول إلى هذه النقطة». وحذر من التوتر «الذي قد يؤدي إلى الحرب»، مشدداً على أن «العمل الديبلوماسي والسياسي بين ايران والقوى الغربية أمر مطلوب وضروري، لأن خلاف ذلك يمكن ان يؤدي إلى تعقيدات لا داعي لها في علاقات الإسلام مع الغرب... لا مصلحة لأي طرف في تعقيد الأمور نحو الحرب، ونحن لا نراها». وأوضح أن «هناك بعض القلق العربي من توتر المنطقة وما قد يؤدي اليه من انعكاسات على الأوضاع الداخلية فيها. إيران لها مواقف وتهديدات بأنها إذا ضُربت، ستضرب القوى الغربية في المنطقة، أي ان بعض الأطراف العربية ستكون معرّضة، وهذا لا يغيب عنّا. لكن اهتمامنا بالملف النووي الإيراني ينبع أساساً من رغبة مصر في إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، لأننا نعلم ان هناك دولة لها إمكانات نووية في الشرق الأوسط هي اسرائيل، ونقول انه اذا ما رأينا دخول قوى نووية جديدة فهذا سيقضي على أملنا في تخليص المنطقة من الأسلحة النووية». وعن العلاقات مع سورية، قال إنها «متنامية للغاية ومتحركة إلى الأمام على الصعيد الثنائي الاقتصادي، وحجم النمو التجاري كبير ومشجع، لكن في ما يتعلق بالحوار السياسي الثنائي فهو غير موجود حالياً. لكن أعتقد أن في لحظة ما من الزمن ستعود مصر وسورية إلى العمل سوياً على الصعيد السياسي». وأشار إلى أن «مصر ترغب في أن ترى مفاوضات سورية - إسرائيلية نشطة تحقق لدمشق حاجاتها في استعادة اراضيها في الجولان. والمشكلة في الموقف الإسرائيلي. إسرائيل تطالب بأوضاع محددة مستقبلية في الجولان ويصعب لسورية الاستجابة لهذه المسائل. وإسرائيل تطالب بمناهج محددة تلزم سورية التحرك في إطار السلام، والأمر متروك لسورية لتقبل أو لا تقبل هذه المناهج التي تطرحها إسرائيل مثل العلاقات مع حزب الله وحماس». أما المصالحة الفلسطينية، فقال إن «مصالح إيران المحددة تسعى إلى الإبقاء عليها (مجمدة) في هذا التوقيت». وسُئل عما إذا كان هذا يعني أن إيران تحرّك «حماس» و «حزب الله»، وليس سورية، فأجاب أن «التأثير الإيراني بات أكثر وضوحاً في هذه المسائل». وأكد أنه «لا توجد علاقة لمصر بحزب الله، ولا نتحدث إليه بعدما تدخّل في الشأن المصري وأوجد خلية للعمل على الأرض المصرية وتصدينا له مثلما نتصدى لأي خلية تعمل على أرضنا... ولا مجال لتسوية سياسية في هذا الصدد». وفي ما يتعلق بالوضع في السودان، أكد أن مصر تسعى إلى مساعدة الشمال والجنوب على حل خلافاتهما قبل الاستفتاء. وقال: «نحن نسعى إلى مساعدة الجانبين على التوصل إلى هذا التوافق على كل المسائل، ونشجعهما على بدء مفاوضات بينهما، ونطالبهما بالحضور إلى مصر فور تشكيل الحكومتين المركزية والجنوبية لنطلق مفاوضات نشطة تؤدي إلى توافقات تحمي السودان من أي خطر مستقبلي قد يتعرض له». وأضاف: «نحن نرغب بأن نرى السودان قادراً على الحفاظ على وحدته في شكل ما في إطار مقبول للجانبين، لكننا سنتعايش مع ما يُسفر عنه الاستفتاء وسنسعى إلى تأمين الاستقرار».