تصور رادوفان كاراديتش نفسه في صراع يشبه معركة داود وجالوت لإنقاذ الصرب حتى لو حولت قواته مدينة سراييفو المحاصرة إلى أنقاض. بعد غد الخميس أي 21 عاماً بعد توجيه أول اتهام له تصدر محكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة حكمها على الرجل الذي اعتبره كثيرون من مواطني البوسنة «واهب الحياة والموت» خلال الحرب التي استمرت منذ العام 1992 حتى العام 1995. ويحاكم زعيم صرب البوسنة السابق في لاهاي منذ العام 2009 واتهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية لمسلمي البوسنة والكروات. ويمكن أن يصدر عليه حكم بالسجن مدى الحياة. كان الرجل الذي يقرض الشعر ويحب إلقاءه ونقل مقر «بلاطه» إلى منتجع للتزلج قريب من سراييفو رئيساً لجمهورية صرب البوسنة والقائد الأعلى لقواتها المسلحة إلى أن خسر السلطة في العام 1996. وفي العام التالي اختفى تماماً عن الأنظار إلى أن اعتقلته السلطات بعد 11 عاماً في بلغراد حيث عاش متنكراً في شخصية معالج روحاني. وأصبح كاراديتش من أكثر المطلوبين في العالم وغير قصة شعره، وأطال لحية بيضاء وعاش باسم مزور وعرضت الحكومة الأميركية جائزة قيمتها خمسة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه. ووجهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقاً له 11 تهمة بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لأعراف الحرب منها حصار سراييفو ومذبحة سربرنيتسا التي تعد أسوأ الجرائم الوحشية التي ارتكبت منذ الحرب العالمية الثانية. ونفى كاراديتش ارتكاب أي مخالفات وقال إنه كان يستحق الثناء لتعزيزه السلام لا أن يتهم بقتل الآلاف، وأوضح خلال محاكمته «ضميري مستريح، لكن قلبي مثقل لأن الحرب لم تسر كما أردت لها». ومثلما راوغ مبعوثي الدول الغربية الذين زاروه في بالي معقله أثناء الحرب في جبال قريبة من سراييفو، حاول كاراديتش وهو طبيب نفسي إطالة أمد محاكمته برفضه حضور الجلسات وطلبه الدفاع عن نفسه. وعلى مدى مثوله أمام المحكمة497 يوماً أصبح منظره معتاداً، وهو يدقق بنظارته الطبية في بعض الأوراق التي هي جزء من ثلاثة ملايين صفحة من الأدلة المقدمة من الإدعاء.