اختصر المخرج والباحث اللبناني طلال درجاني واقع المسرح والفنون الدرامية المتأزم لبنانياً وعربياً بجملة «زمن التراجع، غياب النص والإخراج»، والتي كانت أيضاً عنوان ندوة دعا إليها «المسرح الآخر» و «النادي الثقافي العربي» في بيروت، لمناسبة اليوم العالمي للمسرح، في حضور جمهور ضم فنانين وأدباء ومثقفين. افتتح الندوة عميد معهد الفنون الجميلة محمد حسني الحاج، وأدارتها الأديبة نيرمين الخنسا. وقدم درجاني بحثاً عن إعادة النظر في ماهية المسرح اللبناني والعربي منذ النشأة، مروراً بكل الممارسات المغلوطة، «وصولاً إلى ما هو أخطر، والمتمثل في التغييب التام للمنهجية الأكاديمية في العمل كنتيجة طبيعية لغياب المناهج العلمية في الأكاديميات اللبنانية التي تدعي إعداد الممثلين والمخرجين». ودان ظاهرة الاقتباس «المستشرية على خشباتنا وشاشاتنا» معتبراً أنها «إثم فني وحضاري يستدعي محاسبة مرتكبيه وأولهم مارون النقاش ذلك «التاجر الناجح» الذي استورد المسرح إلى لبنان والعالم العربي لمصالح بعيدة من المعايير الإبداعية، بعد أن شوه أسسه في الشكل والمضمون منذ أولى مسرحاته «البخيل» لموليير التي زور نصها وأضاف موسيقى تركية من دون أي مسوغ ابداعي وإنما لإرضاء السلطات الحاكمة التي أراد التقرب منها». وأضاف أن التزوير ما زال يتفاقم حتى اللحظة، «خصوصاً أن الجهة الوحيدة التي كان من شأنها تصويب هذا الواقع، وهي المؤسسات الأكاديمية القادرة على وضع الطرائق والمناهج العلمية واتباعها، هي بدورها تتخبط في فسادٍ خطير يمتد أيضاً منذ زمن النشأة، لأن مؤسسيها وإن كانوا يُشكَرون على سعيهم فهم ليسوا من ذوي الاختصاص ولا التخصص في علوم المسرح والدراما وفي مجالاتها المتشعبة. والنتيجة هي ما نراه على خشباتنا وشاشاتنا، من تزوير ومسخٍ للأدب والأدباء، وكذلك الفكر والإبداع بذاته». وقدم درجاني في بحثه أمثلة ومفاهيم من مراجع ذات صدقية علمية عالمية، أبرزها معجم المسرح للمفكر باتريس بافيس، مشدداً على التزام الأكاديمية العلمية كدرب حصري للإصلاح. وألقى الضوء على التباين الجذري في التعريف العلمي بين مفهومَي إعداد النص والاقتباس عبر تأكيد أهمية «مسرح الكاتب» وكذلك النص في أي عمل مسرحي ودرامي وأهمية إبداع المخرج في تطوير رؤى الأديب لا في مسخها.