بعد 30 حفلة موسيقية على مدار خمسة أسابيع، اختتم «مهرجان البستان» الدولي للموسيقى الكلاسيكية مساء أمس (الأحد) عروضه بحفل جمع بين عمق الدراما المسرحية ونعومة الألحان المستوحاة من قصص رسخت في الوجدان الإنساني. وكان المهرجان العريق قد انطلق في 16 شباط (فبراير) ملقياً التحية على الشاعر والكاتب المسرحي الإنكليزي الكبير وليام شكسبير في الذكرى المئوية الرابعة لرحيله، واختارت إدارة المهرجان لنسخة هذا العام عنوان «حلم ليلة شتاء» تيمناً بالمسرحية الشكسبيرية «حلم ليلة صيف»، الذي يرجح أن يكون كتبها ما بين عامي 1590 و1597. وفي أمسية الختام التي أطلق عليها عنوان «الحفلة النهائية الكبرى» أطلت ال«سوبرانو» الجورجية آنا كاسيان رفقة «الأوركسترا الوطنية الأرمينية» المخصصة للشباب، بقيادة المدير الفني للمهرجان الإيطالي جيانلوكا مارسيانو. وتضمن البرنامج المقرر للأمسية مقطوعات مستوحاة من بعض أعمال شكسبير منها «روميو وجولييت» و«ماكبث» و«هاملت» و«جعجعة ولا طحن». وانطلقت الأمسية مع مقطوعتين من توقيع المؤلف الإيطالي فينشينسو بيليني (1801 - 1835) هما «كابوليتي و مونتيكي» و«إيكومي إن لييتا فيستا». ويقال إن بيليني كتب المقطوعة الأولى (كابوليتي ومونتيكي) خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الشهرين العام 1830، وقدمت للمرة الأولى خلال موسم الكرنفال في البندقية في آذار (مارس) من ذلك العام، وهي مستوحاة من رائعة شكسبير التراجيدية «روميو وجولييت»، ولكنها ليست وفية للنص الشكسبيري بل تنطلق من القصة الحقيقية التي سبقت العمل المسرحي. وفي الأمسية مقطوعة مأخوذة من العمل المسرحي «روميو وجولييت» بعنوان «أريد أن أحيا»، ومقطوعة تندرج في إطار الباليه مستوحاة بدورها من التراجيدية الشكسبيرية، وهما من توقيع المؤلف الفرنسي شارل - فرنسوا غونو(1818- 1893). وكانت مقطوعة مأخوذة من مسرحية «هاملت» برؤية المؤلف الموسيقي الروسي بيوتر تشايكوفسكي (1840 - 1893). وفيها تظهر قدرة المؤلف الرومانسي على التعامل مع هذه المسرحية التراجيدية بأسلوب قوي يجاور العنف وإصراره على التعبير بوضوح عن تقلبات الشخصيات الدرامية وعواطفهم غير المكبوحة. وكان شكسبير كتب المسرحية في تاريخ غير محدد بين عامي 1599 و1602 وتنطوي الأحداث على الانتقام والسعي الأعمى خلف السلطة، وصولاً إلى مقطوعة مأخوذة من عمل «جعجعة بلا طحن» للمؤلف التشيكي إريك فولفغان كورنغولد (1897 – 1957). وأدت السوبرانو الشابة آنا كاسيان هذه المقطوعات الصعبة في أسلوب فرح، وأصرت على مشاركة الجمهور بنوادر جعلت الأعمال أقل قرباً للوجدان، وغادرت الخشبة في الدقائق الأخيرة من الحفلة وغنت وسط الجمهور الذي تفاعل معها تصفيقاً وضحكاً. وكانت ميرنا البستاني أسست «مهرجان البستان» العام 1994، منطلقة من رغبة حقيقية في إعادة إحياء الثقافة في لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت نحو 15 عاماً وانتهت العام 1990.