بدأت ميشيل شاست حياتها المهنية مصممة أزياء متخصصة في القسم الرياضي في دار «نينا ريتشي» الباريسية المعروفة للأزياء الراقية. وكانت، إلى جوار هذا النشاط، تكرس أوقات فراغها لتنمية موهبتها في النحت في البيت الريفي الذي يملكه والداها بالقرب من باريس. وذات يوم، غادر رئيسها المباشر عمله في الدار، وحل مكانه رجل لم تتفق معه أبداً، فقررت تغيير نمط حياتها المهنية كلياً والتفرغ للنحت، محولة شقتها الباريسية إلى محترف فني. وبما أنها تزوجت في الفترة ذاتها، أقامت مع زوجها في بيت آخر، فاصلة تماماً بين سكنها ومكان ممارستها عملها الجديد. ولم تكن بداياتها في النحت سهلة، إذ أن أصحاب قاعات العرض المتخصصة لم يعرفوها سابقاً. وإن كانوا أبدوا إعجابهم بعملها، لم يجرؤ أحد منهم على فتح باب معرضه للفنانة الناشئة، خوفاً من الفشل التجاري، إلى أن تدخل القدر في حياة شاست عندما قامت مع زوجها بزيارة سياحية إلى مدينة نيس في الجنوب الفرنسي، وتحدثت مع صديقة لها هناك عن عملها وعن نوع التماثيل الذي تنحتها. واتصلت الصديقة فوراً بمديرة قاعة فنية اسمها «بيبلوس»، من أجل تدبير لقاء بينها وبين شاست. وهذا ما حدث فعلاً، وأثمر اللقاء معرضاً لشاست استمر شهرين وزاره الكثير من هواة الفنون التشكيلية، ومنهم أحد أصحاب القرار في قاعة «دروو» الباريسية المرموقة في هذا الميدان. وهكذا، جاءت الانطلاقة المفاجئة في الحياة الفنية لشاست التي وجدت نفسها خلال 6 أشهر ضمن قائمة الفنانين المعروفين الذين يتهافت هواة الفنون التشكيلية إلى رؤية أعمالهم في معارض قاعة «دروو» في باريس، ما سمح لهؤلاء باكتشاف فنانة جديدة أعاروها كل الجدية اللازمة لمجرد أنها وجدت في وسط النجوم. وبدأت أعمال شاست تباع بأسعار معقولة، وظهرت منحوتاتها في كراس قاعة «دروو» الذي يتسلمه أكبر أصحاب مجموعات التحف الفنية في العالم. وتستغرب شاست من كون أعمالها وجدت في تلك الفترة إلى جوار التحف الخاصة بالمشاهير، ولكنها بفضل ذلك، لفتت الأنظار إلى موهبتها واستطاعت تقديم منحوتاتها في قاعات متعددة ومعروفة، أحدثها قاعة أرشيف الفنان الرسام العالمي الراحل آلان إيف كلان، المتخصص باللون الأزرق. ولا شك في أن الأمر في حد ذاته يعتبر بمثابة شرف كبير تنعم به شاست، إذ أن أرشيف إيف كلان مخصص أساساً لرؤية أعمال كلان، ومن النادر أن يستقبل المكان فناناً آخر، وإذا فعل فيعني الأمر أن الأخير يتميز بمكانة مرموقة في دنيا الفن الباريسي. وهكذا دخلت شاست إلى دنيا الكبار بمنحوتاتها التي تمثل أولاً وأخيراً المرأة في أشكالها وطباعها وتعبيراتها ومشاكلها وعذابها وأفراحها. تتميز تماثيل شاست بأنها صغيرة، ولكنها ثرية في مضمونها وتفاصيلها الزاخرة، إذ تثير اهتمام أصحاب اقتناء المجموعات الفنية في العالم، مثلما حدث في معرضها الأخير في أرشيف إيف كلان، بحيث اقتنى رجل عربي مهتم بالفنون، وآخر أميركي، بعض أعمال شاست لضمها إلى مجموعاتهما الثرية. وتهتم شاست حالياً بإقامة مشروع كبير حول المرأة وحقوقها في كل الميادين، وذلك في شكل كتاب ومعرض متنقل حول العالم وندوات تشارك فيها فنانات وأديبات من أركان العالم الأربعة، وهي تبحث عن رعاية في هذا الخصوص حتى ترى الفكرة النور بعد نحو 3 سنوات.