تعد الفنانة المصرية كريمة مختار آخر أمهات الدراما المصرية بعد أمينة رزق وفردوس محمد وعزيزة حلمي، وهي وقفت أمام غالبية النجوم سواء من جيل الكبار أو الشباب وجسدت شخصية الأم سواء في السينما أو المسرح أو التليفزيون، وتعتبر نفسها محظوظة كون الخط البياني لأعمالها يتواصل في صعود إلى الآن على رغم مرور أكثر من نصف قرن على بدايتها الفنية. وعلى رغم حصرها في شخصية الأم الطيبة والمثالية منذ بداية مشوارها إلا أنها تؤكد في حوار مع «الحياة» أنها حاولت التنوع والتجديد في تقديم شخصية الأم، «لا اعتقد انه يوجد لي دور مشابه للآخر، فالأم في «الحفيد» تختلف عن الأم في «المستحيل» و «نحن لا نزرع الشوك» و «ومضى قطار العمر» و «أميرة حبي أنا»، والأم في «بالوالدين إحسانا» و «أنقذوا هذه العائلة» و «رجل فقد عقله» و «الشيطان يعظ» و «إعدام طالب ثانوي» و «الليلة الموعودة» و «يا رب ولد» و «سعد اليتيم». وتعترف مختار أنها حاولت تغيير هذه الشخصية في سباعية مع المخرج الراحل يحيى العلمي: «قدمت شخصية شريرة يلقي البوليس القبض عليها إلا أنها فشلت فشلاً كبيراً، لأنه كان يوجد إجماع لدى الجميع على حصري في دور الأم، وحتى التنويهات التي قدمتها لتنظيم النسل وجفاف الأطفال وضعتني في القالب نفسه، وهذا دليل على نوع ما من الصلاحية. والحمد لله أنني على مدى سنوات طويلة وإلى الآن أسير في خط مرضٍ ومحترم». وتتذكر بدايتها مع دور الأم، وتقول: «بعد مسلسل «القاهرة والناس» لم ارفض دور الأم الذي وضعت فيه، لم يعد يهمني موضوع السن أو من سيجسد شخصية ابني، بدليل أنني كنت أماً لسمير صبري في فيلم «بالوالدين إحساناً» وهو يكبرني بسنتين. وتدين مختار بالفضل لزوجها المخرج الراحل نور الدمرداش «لولا ارتباطي به لم أكن لاستمر في الفن. وعلى رغم انه كان مخرجاً كبيراً واستثنائياً، فهو «ملك الفيديو» إلا أنني لم اسع إلى استغلاله، والدليل انه اسند إليّ عبر المؤلف محمد أبو الخير بطولة مسلسل «أصيلة» بعد معاناة شديدة حيث كان مخرجه نور الدمرداش». وتدافع عما عرف به الدمرداش من ديكتاتورية، وتقول: «العملية الفنية تحتاج شخصية مسيطرة وإلا فقد التحكم في كل شيء وهو كان حريصاً ودقيقاً جداً في عمله، ولم يكن احد يجرؤ على الاستهتار في العمل في البلاتوه، وكان الممثلون يحفظون أدوارهم عن ظهر قلب وليس كما يحدث الآن حين يقف الممثل أمام الكاميرا ولا يعلم ماذا سيقول من حوار». وتؤكد أنها لم تكن تشعر بالغيرة من تعامله مع العديد من الفنانات الجميلات، «أنا احترم نفسي جداً، ولم يحدث أن طرقت باب مكتبه حين كان يتولى رئاسة إنتاج الفيديو. ولم أتدخل في أي مرة في توزيعه لأي دور، وهو كان يحترم مواقفي هذه كثيراً، وكان يعاملني في الأعمال التي جمعتنا معاً ومنها مسلسلات «الجنة العذراء» و «بنت الأيام» و «أصيلة» و «الليلة الموعودة» التي قدمناها كمسلسل قبل تحويلها لفيلم كأي فنانة أخرى في العمل». وتتذكر بدايتها من خلال برنامج الأطفال الإذاعي الشهير «بابا شارو» الذي كان يقدم في الخمسينات من القرن الماضي، واشتهرت من خلاله كصوت إذاعي مميز يجيد تقديم الأعمال الدرامية، وهو ما جعل المخرجين يرشحونها لعدد من الأفلام السينمائية وهو ما قوبل بالرفض من قبل أسرتها على رغم تخرجها من معهد الفنون المسرحية، وسهل زواجها من الدمرداش عام 1958 مشاركتها في فيلم «ثمن الحرية» في شخصية الأم الحنون التي ترعي أبناءها وزوجها. وتشير مختار إلى رضاها عن مشوارها الفني، قائلة «في العمل ابذل أقصى طاقة لدي وأتعامل مع الآخرين باحترام وصدقية، وأمام التقلبات الكثيرة لم أغير أسلوبي ولم أقدم أي تنازلات أو عملاً يحتوي على شبهة مجاملة». وترى مختار أن الجوائز مهمة للفنان سواء كانت مادية أو تقديرية، علماً بأنها حصلت على جائزة النقاد عن دورها في فيلم «ومضى قطار العمر» كما حصلت على لقب أحسن ممثلة عن دورها في مسلسل «يتربى في عزو»، كما حصلت على جائزة عن دورها في سهرة «باقي الأيام» في المهرجان الأول للإذاعة والتلفزيون. وعلى رغم أن الجمهور لا يتذكر لها على صعيد المسرح إلا «العيال كبرت» التي شاركت في بطولتها أمام سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي وحسن مصطفى، إلا أنها تؤكد على تقديمها عدداً من الأعمال في بداية ظهور مسرح التلفزيون ومنها «الأرض» و «مجنون ليلى» و «أيوب الجديد» وكان آخر عمل مسرحي لها «ملاعيب شيحة». تعاونت مختار مع الراحل فريد شوقي في عدد من الأفلام السينمائية إلى جانب مسلسل «البخيل وأنا»: «أعمالي معه لاقت نجاحاً كبيراً وأعتز جداً بهذه الفترة من حياتي، كما كان عبد المنعم مدبولي إنساناً جميلاً وشخصية فنية يندر أن تتكرر». وهي تعتز بكل أعمالها الفنية سواء السينمائية وكان آخرها فيلم «الفرح» الذي جسدت فيه شخصية أم الفنان خالد الصاوي، إلى جانب عشرات المسلسلات التي شاركت في بطولتها ومنها «في حاجة غلط» و «رحلة أبو العلا البشري» و «أدهم وزينات وال3 بنات» و «نقطة نظام» و «يتربى في عزو»، علماً بأنها شاركت أخيراً في بطولة مسلسل «حضرة الضابط أخي» أمام محمد رياض، وتشارك حالياً في بطولة مسلسلي «الحارة» أمام نيللي كريم وصلاح عبدالله، و «العار» أمام مصطفى شعبان وأحمد رزق وشريف سلامة. وعن الفنانات اللاتي يمكن أن يكن امتداداً لها في شخصية الأم تقول: «عبلة كامل موهوبة جداً وهي شخصية صادقة، وأيضاً ماجدة زكي». ولم يهو أي من أولاد مختار الفن على رغم نشأتهم في بيئة فنية خالصة حيث يعمل ابنها الأكبر شريف عميداً في الشرطة، واتجه معتز الدمرداش إلى مجال الإعلام، في حين حصلت ابنتها هبة الله على ماجستير في العلوم السياسية من لندن حيث تقيم مع زوجها الذي يعد واحداً من اكبر الجراحين الاستشاريين في الأورام هناك. وعن حياتها كأم تقول «لم أقصّر في حق أولادي يوماً ما، وأخذت على عاتقي منذ صغرهم مسؤولية تربيتهم والاعتناء بكل صغيرة وكبيرة في حياتهم بسبب انشغال والدهم في عمله كمخرج، ووثقت علاقتي بهم من دون التدخل في حياتهم الشخصية إلا بالنصيحة والإرشاد فقط».