انطلق التعداد العام للسكان والمساكن في السعودية مطلع أيار (مايو) الجاري، واختتم العد الفعلي الاربعاء الماضي، وخلال الأيام الأخيرة، نشرت صحف محلية ومواقع إلكترونية سعودية مواقف وصوراً طريفة تعرض لها موظفو التعداد الذين يقومون بعمليات حصر أعداد السكان. وما يلفت النظر أن عدّادين واجهوا مواقف بعضها مضحك، والآخر يستدعي التوقف عنده، منها أن رب عائلة رفض إعطاء موظفي التعداد أية معلومات، متعذراً بتعرضه للإرهاق، فيما أن عامل مقهى في عفيف ظهر عليه الخوف والتوجّس فلم يجب عن أسئلة العدادين، متعذراً بآلام في بطنه. فيما قفز عمال وافدون من فوق سطح مبنى يسكنونه، حينما طرق الموظف باب منزلهم خوفاً من القبض عليهم اعتقاداً منهم أن هناك دهماً أمنياً متعلقاً بشرعية إقامتهم في المملكة. ومن المواقف المضحكة، أنه عندما طرق موظف الإحصاء باب إحدى الشقق، تفاجأ بوجود والده «المسن» يفتح له الباب، صارخاً فيه: «ماذا جاء بك إلى هنا»؟ ليكشف الأب للابن أنه متزوج مسياراً، وأن لديه أبناء من زوجته تلك، لكنه يخفي الخبر عن أمه. ومن القصص المنشورة، أن سيدة طلبت من موظف التعداد الزواج خلال وجوده أمام منزلها في عمليات الحصر السكاني، بقولها: «أريدك زوجاً»، وكررت ذلك عليه مرات عدة، بحسب زعمه. فيما تفاجأ آخر بأن بعض سكان الحي الذي يقوم فيه بالمسح الميداني «يعتقدون أن هناك توزيعاً للصدقات والنقود». فيما حملت امرأة عصا غليظة وتلفّظت على العدّاد بكلمات تدل على عدم السماح له بأخذ أية معلومة، وأنها ستستخدم العصا إذا أصرّ على البقاء، وهو ما اضطره إلى الهروب من أمام منزلها، في حين أن مسؤولاً لم يفصح عن أسماء أسرته من الإناث، ودوَّن أسماءهن تحت كنى (أم فلان) لكل واحدة. أيضاً، أحد أرباب الأسر عندما سئل عن اسم زوجته وأفراد عائلته قال للموظف: اسأل عن كل شيء إلا أسماء «الحريم» فذلك «عيب» فلن أعطيك أي اسم ولن أسلمك كرت العائلة لتطَّلع على أسماء «الحريم». ولم يقتنع إلا بعد أيام عدة. وشاب (28 عاماً) طلب من موظف التعداد إضافة عبارة (يبحث عن زوجة) في إحدى الخانات بعد أن يئس من أقاربه الذين لم يزوِّجوه لضعف تعليمه. ويحكي موظف تعداد موقفاً لرب أسرة يعمل حارس مدرسة ولا يحمل أي شهادة، لكنه رحّب به وأجبره على شرب القهوة كشرط للإدلاء بالمعلومات التي يحتاج إليها. في حين تعرَّض زميل له في إحدى القرى النائية لعضة كلب أسفرت عن جرح في مؤخرته نوَّمه في المستشفى، فيما توسَّل زميل آخر له أحد قائدي السيارات من كبار السن لإعفائه من مخالفة حينما أعطاه ورقة التعداد. ومن بعض الطرائف يروي أحد الموظفين أنه «طرق باب منزل فأجابه طفل صغير من وراء الباب، بأنهم لم يطلبوا شيئاً»، اعتقاداً أنه موظف توصيل طلبات من أحد المطاعم. في المقابل، استضافت عائلةٌ أحدَ موظفي التعداد في الجوف عندما طرق باب إحدى الشقق ومعه حقيبة يدوية بها السجلات، إذ كانت تنتظر قدوم مأذون الأنكحة لعقد قران عائلي، ولم يتنبّهوا أنه عدّاد إلا بعد أن سألهم وطلب معلوماتهم. فيما خرج رب إحدى الأسر غاضباً عندما طرق موظف التعداد باب بيته، قائلاً له: سأعطيك معلومات هذه المرة لكن إن عدت ثانية وطرقت الباب «سأكسر رجلك». ثقافة الناس تتفاوت وصدقيتهم للتعداد تتأرجح، ما اضطر بعض موظفي الإحصاء السكاني إلى الادعاء بأنهم منتدبون من شركة الكهرباء للنظر في حاجة القرى والهجر، حتى تسهل مهمتهم ويدلون لهم بالمعلومات المطلوبة. في المقابل، كان هناك عدّادون فضوليون ومزعجون، ويتجاوزون حدود تعبئة الاستمارات بالاسئلة أو «الفضاضة» عند قرع الأبواب. وزير التخطيط خالد القصيبي أكد في بداية انطلاقة التعداد أن مصلحة الإحصاءات العامة درجت على إجراء هذا التعداد كل عشر سنوات ليوفر منظومة شاملة ومتكاملة من البيانات والمعلومات المتعلقة بالسكان في المملكة، لتشكل أساساً ومنطلقاً لعديد من السياسات والبرامج التي تتبناها الدولة، في إطار سعيها لتحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم وتوفير الخدمات الحيوية في جميع المجالات. هناك حاجة إلى توعية السكان بأهمية التعداد والمسح السكاني وحاجات المجتمع لمثل هذه الأرقام الرسمية، ما يستدعي ضرورة التعاون مع موظفي التعداد والتعريف «المقنع» بأن التعداد لا علاقة له بالعمل الأمني، وأن الإدلاء بالمعلومات الصحيحة يصحح مسار التخطيط لمستقبل البلاد وأجيالها وسكانها. [email protected]