لم يكن لديها طموح سوى زوج مخلص وأبناء تقوم على تربيتهم. كان لديها شعور دائم بالضعف، وكانت تنتظر من يزيله عنها، إلا أن ذلك الحلم لم يتحقق على رغم بساطته، وظلت الظروف تخنق هذا الحلم، حتى مات أخيراً. ولكنه مات بعدما فاتها قطار العمر وبات أطفالها مهددون بالتشرد. «ام جلال» مواطنة سعودية تزوجت مرتين وقاتلت طويلاً للحفاظ على أسرتها متماسكة، ولكن العوز والأمراض والإعاقات لم تسعفها حتى لتتنفس السعادة. تقول أم جلال: «زوجي الأول تخلى عن الصرف علينا، فهو مقعد وبلا قدمين، ما جعله يفضل الطلاق وإنهاء العلاقة بنا في شكل كلي»، موضحة بأنه لم يعد لديه علاقة بهم، على رغم أن لديها منه أربعة أبناء. وتضيف: «أجبرتني الظروف القاسية على القبول بالزواج من رجل لديه زوجة أخرى، وأنجبت منه فتاة خرجت إلى الحياة وهي كفيفة، وعلى رغم ظروفي وظروف أبنائي ومن ضمنهم ابنته المصابة بالعمى، إلا أنه تخلى عنا، بحجة أن لديه التزامات أخرى وديوناً وبالكاد يستطيع الصرف على زوجته وأبنائه». وتعيش أم جلال حالياً مع أبنائها الخمسة في شقة مفروشة بعد أن تم طردهم من شقتهم التي كانوا يقطنون فيها، بعد أن رفع مالك العمارة دعوى قضائية على طليقها واستخرج أمراً بإطفاء التيار الكهربائي عليهم». وتؤكد: «لم أجد نفسي أنا وأبنائي إلا ونحن في الشارع، فكرت أن اذهب إلى المطار القديم وأنصب خيمة وأقطن فيها، ولكن الوضع الصحي لابنتي المعاقة جعلني أتراجع عن الفكرة، فذهبت إلى شقة مفروشة وبدأت في بيع أغراض منزلي إلى أن يفرجها الله علينا»، لافتة إلى أنه لم يعد لديها مال تستطيع من خلاله الصرف على أبنائها. وتستطرد: «اضطر أكبر أبنائي إلى ترك الدراسة وهو في المرحلة الثانوية ليقوم بمساعدتنا ووجد عملاً براتب شهري لا يتجاوز ألف ريال، والأمر الذي أحزنني كثيراً أنه يعمل ساعات طويلة ويعود إلى الشقة وهو في قمة التعب والجهد، كما أن ابني الآخر بدأ يتغيب عن مدرسته لكثرة تنقلنا المتواصل بين الشقق المفروشة وبين من تتحملني من صديقاتي»، مشيرة إلى أن دخل ابنها لا يفي بمتطلبات أشقائه، إضافة إلى أنه يتأخر في أحيان كثيرة. ولا تخفي أنها تستلم مبلغ ألف ريال من راتب والدها المتوفى، «معظم هذا المبلغ يذهب لعلاج ابنتي، التي أدعو الله ليل نهار أن يشفيها من العمى». وتناشد «ام جلال» فاعلي الخير وأصحاب القلوب الرحيمة أن ينظروا إليها وإلى أبنائها بعين العطف والشفقة، ويساعدوها في إيجاد دخل مادي ثابت حتى لو كان قليلاً، فلم يعد يهمها حالياً سوى مستقبل أبنائها الذي تراه في مهب الريح.