لم تقتصر الأزمة المالية على قطاعات معينة تهتم بالعقارات والبورصة وأسواق الأسهم، وإنما طاولت شرائح أخرى من المجتمع ظنت نفسها بمنأى عن تقلبات عالم المال والأعمال. الطلاب، ولا سيما المبتعثون الذين يعتمدون على مبالغ سنوية أو شهرية تصرف لهم، من تلك الفئات المتضررة وإن لأسباب غير مباشرة ولا تتعلق بهم شخصياً. لذا جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيادة مكافآت الطلاب السعوديين المبتعثين بنسبة 50 في المئة ليزيل عن كاهل الطلبة السعوديين هاجس غلاء السكن والمعيشة خصوصاً في البلدان الأوروبية. «الحياة» التقت الملحق الثقافي في السفارة السعودية في لندن غازي المكي الذي كشف ان عدد المبتعثين السعوديين في بريطانيا ارتفع من 4 آلاف طالب وطالبة الى أكثر من 14 الفاً خلال السنوات الاربع الأخيرة التي شهدت انطلاق برنامج الابتعاث الخارجي علماً أن عدد السعوديين الإجمالي في المملكة المتحدة هو 23 الفاً مع عائلاتهم. وأوضح المكي أنه تم تجميد الحاق المبتعثين الجدد الى كثير من معاهد اللغة في بريطانيا لمنع تجمعهم في مكان واحد، مشيراً ان الملحقية تعمل حالياً على تنفيذ مشروع الادارة الالكترونية وربط الملحقية آلياً بوزارة التعليم العالي لتمكين الطالب من متابعة شؤونه الكترونياً وهو في مدينته من دون الحاجة لمراجعة الملحقية على أمل ان يسهم هذا المشروع في تخفيف العبء على موظفي الملحقية ويقلل شكاوى المبتعثين. أما عن انتقال مبنى الملحقية إلى منطقة «شيزويك» فقال المكي إن مبررات الانتقال هي التزايد الكبير في اعداد المبتعثين بالتالي ضرورة زيادة عدد الموظفين والمشرفين في الملحقية. وأضاف: «المبنى القديم ضيق ولا مجال للتوسيع فيه فرأينا وبدعم مباشر من وزير التعليم العالي خالد العنقري، ضرورة البحث عن مبنى اوسع لخدمة الاعداد المتزايدة من الطلاب فكان الانتقال». ويمتد المبنى الجديد على مساحة 3425 متراً مربعاً ويتكون من ثلاثة ادوار، وتتبعه مواقف تتسع ل 90 سيارة، كما انه بعيد من وسط المدينة التي يتطلب دخولها خلال ايام الاسبوع دفع ضريبة ازدحام، وكان يترتب على الطالب دفعها للوصول الى مبنى الملحقية القديم. وإضافة إلى سهولة الوصول إلى المبنى الجديد خص كل مشرف بمكتب خاص وهاتف يسمحان له بأداء عمله في خدمة المبتعثين في شكل أفضل، سواء بالحضور ام عبر الهاتف أو البريد الالكتروني. وأوضح المكي: «قبل برنامج الابتعاث كانت غالبية المبتعثين من موظفي الجامعات والجهات الحكومية لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، ولم يصل عددهم الاجمالي الى 4 آلاف مبتعث أما بعد انطلاق البرنامج فقد زاد عدد المبتعثين الى 14 ألفاً معظمهم في مرحلة البكالوريوس. وعلى رغم أن الابتعاث يشمل كثيراً من التخصصات إلا أن النسبة الكبرى هي في تخصصات الكومبيوتر، والقانون، والطب، وطب الأسنان، والصيدلة، وإدارة الأعمال. وبلغ العدد الاجمالي للمبتعثات السعوديات 2779 طالبة معظمهن في مرحلة البكالوريوس والماجستير». اما الطلبة الذين يدرسون على حسابهم الخاص فأوضح المكي أنه «تم ضم عدد كبير منهم الى وزارة التعليم العالي وسنواصل رفع من تكتمل فيهم شروط الانضمام إلى البعثة وهي إنهاء برنامج اللغة الانكليزية و30 ساعة في برنامج الجامعة الدراسي». وعن ابرز المشكلات التي تواجه المبتعثين إلى بريطانيا قال المكي: «لعل أكثر المشاكل التي يواجهها الطلاب السعوديون هي ضعف مستوياتهم في اللغة الانكليزية، كما ان هناك مشكلة الغلاء الكبير في بريطانيا وخصوصاً لجهة السكن والمعيشة – وان كانت في طريقها إلى الحل بعد زيادة المكافأة. كذلك هناك مشكلة التأقلم مع المجتمع الجديد. اما الاخفاق والارجاع فيعودان الى الجامعات والمعاهد التي يدرس فيها الطلبة. فما إن ترفع لنا الجامعة تقريراً عن عدم مقدرة الطالب على استكمال التحصيل العلمي نحاول معرفة الأسباب ومساعدته على تجاوزها وإن لم يستطع التغلب عليها يتم إشعار جهة الإبتعاث لاتخاذ القرار اللازم». ويتذمر عدد كبير من الطلاب بأن المشرفين لا يردون على اتصالاتهم و «ايميلاتهم» وهو ما يؤخر تسجيلهم في جامعاتهم ويضطرهم للسفر والتوجه شخصياً إلى الملحقية مع ما يتطلبه ذلك من كلفة مادية واضاعة للوقت. ولا ينكر المكي هذه المشكلة لكنه يرد جزءاً منها على الطلاب أنفسهم ويعتبر بعضهم طرفاً أساسياً في حدوثها. ويقول: «غالبية المكالمات بالإمكان تفاديها لو اطلع الطالب على صفحة الملحقية للإجابة عن استفساره، كما أن بعضها ينصب على طلب استثناءات لا يجيزها النظام، ما أثر على الطلاب الذين هم في أمس الحاجة لإجراء مكالمات تستحق استقبالها والعمل على تحقيق المطالب الواردة فيها». وتمنى المكي من الطلاب المتصلين «ترك رسائل صوتية» لان كثيرين لا يتركون رسالة ويعاودون الاتصال مراراً مع ان الرسالة تكفي لابلاغ المشرف بما يريد ومعاودة الاتصال به. وقال: «عموماً هذه المشكلة ستحل قريباً، فنحن نعمل حالياً على مشروع الإدارة الالكترونية وربط الملحقية آلياً بالوزارة ليتمكن الطالب من متابعة شؤونه الكترونياً ما يخفف العبء على الطالب والمشرف ويضمن سلاسة العمل وسرعة انجازه». ولفت المكي إلى مشكلة أخرى وهي تكدس أعداد كبيره من المبتعثين في معهد لغة واحد حتى وصل العدد في أحدها الى 80 طالباً وذلك لأن غالبية الطلاب تحصل على القبول بأنفسها أو من طريق الأصدقاء أو المكاتب المتخصصة التي ترسل الطلاب إلى معاهد تحتسب لها مبلغاً مالياً من دون الاهتمام بجودة المعهد أو كثرة الطلاب السعوديين والعرب فيه، ما يجعلهم يتحدثون في ما بينهم ولا يختلطون مع الآخرين. وأضاف: «إصرار الطلاب على الالتحاق بمعاهد فيها أقرباء أو أصدقاء كان سبباً في هذه الظاهرة ونحن الآن في طور مراجعة الموضوع اذ أوقفنا الالتحاق ببعض المعاهد التي فيها أعداد كبيرة من السعوديين، ونعمل على توجيه الطلاب إلى معاهد مناسبة لجهة الكثافة والنوعية».