عندما حلّ الهلال أولاً في مجموعته الآسيوية كان ذلك متوقعاً ولا جديد فيه، فقد اعتاد أن يكون أولاً في كل مسابقة يخوضها، ولكن المتجدد في الأمر أن دور ال 16 الآسيوي كثيراً ما كان محطة توقف مزعجة وحجر عثرة، طالما وأدت أحلام الهلاليين في العودة للقب البطولة الآسيوية منذ أقر نظامها الجديد، إذ يغادر «الزعيم» وسط ظروف غريبة تقف فيها الأرض في وجه أصحابها في تحدٍ سافر وعناد غريب. الهلال هذا الموسم كان هو الأفضل والأمتع أداء والأمهر نجوماً، ومع احترامنا للفرق كافة المشاركة، خصوصاً الخليجية التي كانت المتسبب عادة في تجرع الهلال غصة الخروج على رغم أن الهلال يفوقها بمراحل، إلا أن عدم مواجهتها حمل الكثير من التفاؤل للهلاليين كافة على رغم قوة الأوزبك، وكان الأهم الذي أدركه الهلاليون قبل غيرهم أنهم إن لم يتخطوا هذا الدور العصي وينطلقوا منه إلى الكأس ويحققوها، في ظل هذه الطفرة الفنية والروح العالية بوجود الداهية غيريتس والإدارة التي طوعت المستحيل، فلن يتم لهم ذلك مستقبلاً. أما مسألة أن هذا الدور بات عقدة مستديمة فذلك وهم زرعته الصحافة وصدقه الهلاليون، لأنه على أرض الواقع لا وجود لشيء بهذا المسمى المثبط، عندما يكون السلاح الإرادة الصلبة واحترام الخصوم فيتبدد الوهم وتنفك العُقد كافة لتغدو ممرات متاحة مستباحة نحو الشباك على الأرض أو خارجها، وقد حدث ذلك في حمى ليلة الخميس التي غسلت في وقت قياسي كل هموم فقدان كأس الجمعة، خصوصاً أن كل ما كان يتكالب على الهلال في وقت تخطي دور ال 16 لا أثر له هذا الموسم، سواء أكان إصابات أم طرد، بل تكامل رائع ومنظومة يحسد عليها مع ما أضافه الاستقرار الإداري من طمأنينة، في ظل تفرّغ الرئيس ونائبه للفريق بعيداً عن الثرثرة في القنوات والصحف والمنتديات، يترجم هذا الفكر الاحترافي مدير كرة «الإبداع يسير في ركبه أينما حلّ» ونجوم محترفة ما عادت تنطلي عليها «خزعبلات» العُقد ولا يعنيها طموح من تقابل وقوته. واكتملت منظومة الهلال ذلك المساء «الأزرق» بجمهور عاشق حتى الثمالة لا يزال في نهم لمزيد من البطولات، على رغم أنه قد تصبح بدوري وتمسي بكأس، زلزل الملعب فتدفقت الأمواج عاتية تهدر غضباً، لم تبقِ لخصمه أملاً ولم تذر له حلماً، وهذه المتمردة الآسيوية وإن تمنعت كثيراً سترضخ قريباً بتوفيق الله ثم بإرادة اللاعبين، ولعل في تخطي هذا الدور العصي ما يوحي باستعادة المجد الآسيوي التليد. مبروك لشبيه الريح خطوة آسيا الأولى وللوطن هلاله وشبابه وخير من حمل لواءه، وكل المنى بمواصلة المسير.