وصف رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان تسريب تسجيل صوتي على موقع «يوتيوب» لمسؤولين أمنيين كبار وهم يناقشون عمليات عسكرية محتملة في سورية بأنه «خسيس». وجاء نشر التسجيل عبر حساب مجهول بعد تسريبات مماثلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع القليلة الماضية وصفها أردوغان بأنها مؤامرة حاكها خصومه السياسيون وعلى رأسهم رجل الدين التركي المقيم في الولاياتالمتحدة عبدالله غولن بهدف إطاحته قبل الانتخابات المحلية اليوم. وبدت نبرة صوت أردوغان عالية أثناء كلمته. لكن التسريب الجديد أخذ الحملة إلى مستوى أعلى، إذ إنه تطرق إلى اجتماع رفيع المستوى وبالغ الحساسية ضم مسؤولين أمنيين. ونشر الحساب المجهول على «يوتيوب» ما قال إنه يمثل تسجيلاً لمدير الاستخبارات حقان فيدان وهو يبحث عمليات عسكرية محتملة في سورية مع وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ونائب رئيس الأركان يسار جولر ومسؤولين كبار آخرين. وأكد داود أوغلو في تصريحات للصحافيين في اجتماع حاشد قبل الانتخابات التي ستكون اختباراً مهماً لتأييد أردوغان وسط فضائح فساد: «سربوا اجتماعاً للأمن القومي. هذا عمل خسيس، تضليل. من تخدمون بتسريب تسجيل صوتي لمثل هذا الاجتماع المهم؟». وقالت وزارة الخارجية إن التسجيل المسرب كان لاجتماع لبحث التهديدات النابعة من الاشتباكات في سورية، وإنه حدث تلاعب في عناصر التسجيل. وأضافت أن المسؤولين عن التسريب سيواجهون عقاباً قاسياً. وقالت الوزارة في بيان: «إنه هجوم حقير. عمل تجسس وجرم فادح جداً أن تسجل وتسرب للعامة اجتماع مسؤولين أمنيين كبار عقد في مكان تبحث فيه أدق القضايا الأمنية للدولة». ويبدو أن المحادثة تركز على عملية محتملة لتأمين ضريح سليمان شاه جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية والموجود في منطقة في شمال سورية يسيطر عليها متشددون إسلاميون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). وتعتبر أنقرة الضريح أرضاً تركية ذات سيادة بموجب اتفاقية وقعت مع فرنسا عام 1921 حين كانت تحتل سورية. ويحرس حوالى 20 من جنود القوات الخاصة التركية الضريح باستمرار. وهددت تركيا قبل أسبوعين بالرد على أي هجوم على الضريح بعد اشتباكات بين مُسلحي «داعش» المنبثقة من تنظيم «القاعدة» وبين جماعات مسلحة منافسة في المنطقة الواقعة شرق حلب قرب الحدود التركية. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في ذلك الوقت: «هذه الأرض التركية الوحيدة عبر الحدود. بالتالي، لتركيا الحق في أن تتخذ كل الإجراءات لإقرار أمنها واستقرارها.» وجاءت تحذيرات تركيا بعد اشتباكات بين مقاتلي «داعش» ومقاتلين منافسين لهم في منطقة الضريح شرق حلب قرب الحدود التركية. ويقول صوت وصف بأنه صوت وكيل وزارة الخارجية فريدون سينيرلي أوغلو: «إن عملية ضد «داعش» ستكون لها شرعية دولية. سنصفها بأنها «القاعدة». لا توجد مشكلات بخصوص إطار القاعدة. حين يتعلق الأمر بقبر سليمان شاه، فإنه يتعلق بحماية التراب الوطني». وحين تطرق النقاش إلى الحاجة لتبرير مثل هذه العملية، قال صوت منسوب إلى فيدان: «انظر الآن يا قائدي. إذا لزم تبرير، فالتبرير هو أنني سأرسل أربعة رجال إلى الجانب الآخر. سأجعلهم يطلقون ثمانية صواريخ على أرض فضاء. هذه ليست مشكلة. يمكن خلق التبرير». ويقول صوت نسب إلى وزير الخارجية في التسجيل: «بيني وبينك، رئيس الوزراء قال عبر الهاتف إنه يمكن كذلك استخدام هذا (الهجوم) إذا لزم الأمر في هذه الأجواء». وكان كمال كيليتشدار أوغلو رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض تحدث عن سيناريو مماثل في وقت سابق من هذا الشهر عندما قال: «إن اردوغان قد يقرر إقحام الجيش في سورية قبل الانتخابات»، مضيفاً «لا تجروا تركيا إلى مثل هذه المغامرة». وقال مصدر في مكتب أردوغان إنه تقرر حجب موقع «يوتيوب» كإجراء احترازي بعدما أثارت التسجيلات الصوتية «مسألة أمن قومي». وقال إن الحظر قد يرفع إذا وافقت إدارة يوتيوب على إزالة المحتوى. وقالت شركة «غوغل» إنها ستنظر في تقارير عن عدم تمكن بعض المستخدمين في تركيا من الدخول إلى موقع «يوتيوب» التابع لها. وأشارت إلى أنه لا توجد مشكلة فنية من جانبها.