بدأت تركيا تحقيقا في عملية تنصت بعد تسريب وقائع اجتماع بين كبار المسؤولين بحثوا فيه إمكانية القيام بعمل عسكري في سورية على موقع يوتيوب مما ينذر بحملة حكومية على معارضيها السياسيين بعد الانتخابات غدا الأحد. ويعد تسجيل الاجتماع بين رئيس المخابرات التركية ووزير الخارجية ونائب قائد الجيش أخطر تسريب من التسريبات عالية الحساسية التي ظهرت في الأسابيع القليلة الماضية وهي فضيحة وصفها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأنها مؤامرة لتخريب الدولة والإطاحة به. وينحي أردوغان ومعاونوه باللائمة على حركة "خدمة" التابعة لرجل الدين الذي تلقى تعليمه في الولاياتالمتحدة فتح الله كولن وهو حليف سابق يتمتع أتباعه بالنفوذ في الشرطة والقضاء واتهمها بإدارة "حملة قذرة" من التجسس لتوريطه في الفساد قبيل الانتخابات البلدية الحاسمة غدا. وقال أردوغان أمام حشد من أنصاره في اسطنبول اليوم السبت متعهدا بفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات "غدا سنلقن هؤلاء الكذابين والمفترين درسا." وينفي كولن بشدة تدبير فضية التسريت لكن المقربين من شبكته يقولون إنهم يخشون من حملة باطشة فور انتهاء الإنتخابات البلدية. وذكرت صحفية حريت أن الشرطة التركية اعتقلت لفترة وجيزة الليلة الماضية أوندر أيتاج وهو كاتب بارز وصحفي معروف بقربه من حركة خدمة للاشتباه بأن لديه معلومات عن التنصت على الاجتماع الذي عقد في وزارة الخارجية. ومن ناحية أخرى ذكرت قناة "سي إن إن" تورك أن محامي أردوغان طلبوا من المدعين اتخاذ إجراءات احترازية لمنع كل من أيتاج وعمر أوسلو وهو كاتب عمود صحفي وأكاديمي وكذلك مسؤول كبير سابق بالشرطة التركية لمكافحة الإرهاب من الفرار إلى الخارج. وقال أيتاج في بيان نشره موقع سمانيولو الأخباري التابع لحركة خدمة أنه سئل عما إذا كان جاسوسا وكيف علم كل هذا القدر عن محتوى التسجيل المسرب بعدما ناقش ذلك في برنامج تلفزيوني، مضيفا "عرضت تقييمي كأكاديمي في هذا البرنامج. يحاولون ترويع الناس الذين يؤمنون مثلي بهذه العملية الانتخابية." ورفض مسؤولون حكوميون التعليق على ما إذا كانت السلطات بدأت بالفعل التحقيق في التسريب وقالوا إن أي تحقيق سيكون من شأن القضاء. ولم يتسن الحصول على تعليق من مكتب النائب العام. وكان مسؤولون كبار قالوا في فبراير شباط ان تركيا ستشرع في تحقيق جنائي في مزاعم عن "دولة موازية" يساندها كولن والتي يتهمونها بتدبير فضيحة الفساد والتنصت بصورة غير قانونية على الاف الهواتف على مدى سنوات. ونقلت الحكومة التركية بالفعل الافا من ضباط الشرطة ومئات المدعين في حملة تطهير بعد تفجر فضيحة الفساد في 17 كانون الأول (ديسمبر) باعتقال رجال أعمال وثلاثة من أبناء الوزراء. وتقول حركة كولن إنها باتت هدفا لحملة مطاردة. وقالت صحيفة زمان اليوم المقربة من الحركة إن أردوغان رفع دعاوى قضائية ضد رئيس تحريرها ونائبه وكذلك ضد أيتاج وأوسلو اللذان يكتبان في الصحيفة ورئيس سابق للشرطة في اسطنبول. وتحولت فضيحة الفساد والاحتجاجات المناهضة للحكومة الصيف الماضي إلى واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها أردوغان في حكمه المستمر منذ 11 عاما ويخشى منتقدون من ان تترسخ ما يصفونه بتوجهاته الاستبدادية إذا حقق حزب العدالة والتنمية نتائج جيدة في انتخابات الغد. ووصف مسؤول حكومي كبير أمس الجمعة الأزمة بأنها "واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ تركيا". وشمل الاجتماع المسرب بشأن سورية مناقشة رئيس المخابرات حقان فيدان العمليات العسكرية المحتملة في سورية مع وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ونائب رئيس هيئة الأركان ياسر جولر ومسؤولين كبار آخرين. وندد أردوغان بالتسريب ووصفه بأنه "خسيس" بينما وصفه داود أوغلو بأنه "إعلان حرب" في إشارة واضحة إلى تصاعد صراع القوى مع كولن.