تحول قرار النيابة العامة الكويتية احتجاز الناشط الكاتب المعارض محمد عبدالقادر الجاسم الى قضية عامة، واستنفرت المجموعات الليبرالية و الإسلامية تضامناً مع الجاسم، مطالبة بالإفراج عنه، وتخوف نواب وسياسيون من «تقهقر الحريات الشخصية والصحافية». وطالبوا النيابة العامة بالرجوع عن قرارها. وكانت النيابة أمرت باعتقال الجاسم قبل اسبوع ووجهت إليه ثلاث تهم هي : المس في الذات الأميرية والتطاول على مسند الإمارة ونشر اخبار كاذبة من شأنها إضعاف هيبة الدولة»، وقررت حبسه 21 يوماً على ذمة التحقيق. ونقل في الأيام الأولى منها الى المستشفى لتدهور حاله الصحية بعد اضرابه عن الطعام ، لكنه اعيد بعد ذلك الى السجن المركزي . وسمحت وزارة الداخلية امس لثلاثة نواب من لجنة حقوق الإنسان بزيارة الجاسم في السجن. وقال رئيس اللجنة النائب وليد الطبطبائي ل»الحياة» ان»معنوياته عالية». وكان محتجزاً في قسم «الوارد» في السجن المركزي حيث يوضع السجناء الجدد قبل توزيعهم على عنابر السجن الأخرى، ونقل عن الجاسم انه اعترض على الزامه ارتداء زي السجناء لأنه «ما زال متهماً». وقال للنواب ان النيابة لم تقدم ادلة على «التهم الجسيمة» الموجهة ضده سوى كتابين كان نشرهما قبل سنوات. وهما كتابان اجازتهما وزارة الإعلام ، يضاف الى ذلك تقرير تحريات ضابط امن الدولة حول بعض مقالات الجاسم على موقعه الإلكتروني. و«التفسيرات الخاصة بأمن الدولة لهذه المقالات وهذا ليس دليلاً اذ تم تحميل مقالاتي اكثر مما تحتمل «. وطالب النواب الثلاثة بالإفراج الفوري عن الجاسم «كونه متهماً في قضية رأي لا قضية أمن دولة»، وكان محامي الجاسم تقدم بالتماس الى النائب العام للإفراج عن موكله بكفالة الى حين نظر قضيته في المحكمة لكن طلبه رفض. وسيعرض الجاسم على قاضي التجديد بعد 21 يوماً من احتجازه ليقرر الإفراج عنه او الاستمرار في حجزه اذ لم يحدد حتى الآن موعد محاكمته . وشهدت «ساحة الإرادة» وتقع امام مبنى مجلس الأمة (البرلمان) ليل الثلثاء تجمعاً شعبياً كبيراً للمطالبة بإطلاق الجاسم ، وكان التجمع من معظم الوان الطيف السياسي من نواب وسياسيين ومحامين وطلبة جامعات ورفعت في الساحة صورة كبيرة مركبة للجاسم وهو خلف القضبان . وتحدث قطب الليبراليين الكويتيين الدكتور أحمد الخطيب في التجمع فقال إن اعتقال الجاسم «تم من دون جريمة تذكر كما حصل معنا في الماضي ليخوفونا». و اعتبر الاعتقال «رسالة خطيرة للجميع، من طريق إقحام امن الدولة في كل صغيرة وكبيرة» . واعتبر زميله النائب السابق عبدالله النيباري ان «هذا اليوم حزين في الدفاع عن حق مواطن أبدى رأيه وفقاً للدستور، واليوم الدستور أصيب بانتهاك (..) بينما من سرقوا أموال الدولة أحرار بعيدون من سلطة القانون فالدستور لم يوضع لحماية الحرامية». وخاطب النائب السابق مشاري العصيمي النائب العام حامد العثمان فاعتبر «أن احتجازه للجاسم يعتبر مخالفاً للقانون، فهو حبس احتياطي، في حال كان يخشى من فرار المتهم «، وتابع «إننا نعاني من مشكلة الانتقائية في تطبيق القوانين، والجاسم مواطن شريف يصبح فجأة متهماً بأمن الدولة ؟» . ووجه قطب المعارضة في البرلمان النائب مسلم البراك رسالة الى اسرة آل الصباح الحاكمة فقال» بيننا وبينكم الدستور، ونحن نحبكم، ولكن للأسف لصوص المال العام تفتح لهم مؤسسات الحكم، ومحمد الجاسم يقبع في السجن» ، وشدد على ان «النيابة العامة حامية للمجتمع، والجاسم لا جريمة له، والنيابة وجدت لحماية الشعب لا لحماية السلطة» ، ووعد بتحرك برلماني لإجراء اصلاحات قانونية تحمي حرية التعبير . ومن الإسلاميين اكد النائب الدكتور جمعان الحربش أن محمد الجاسم «حر وهو في السجن»، وقال الدكتور عواد الظفيري رئيس حزب الأمة أن « 90 بالمئة من الشعب الكويتي يقرأون كتابات الجاسم، إذا فليضعوا الشعب الكويتي في السجن». وشارك نجل الكاتب الجاسم، عمر محمد الجاسم في التجمع الشعبي امس وخاطب والده فقال « استمر يا أبي في طريقك، ولا تحزن، فلن يستطيع أحد أن يوقفك، ان ذنبك الوحيد انك قلت رأيك» . ولوحظ ان المجموعات السياسية الشيعية ونوابها غابوا عن التجمع التضامني مع الجاسم الذي كتب في موقعه الإلكتروني مقالات عدة ينتقد فيها ما يراه تساهلاً من الحكومة الكويتية الحالية مع «التغلغل الاستخباري الإيراني في الكويت».