في المادة الأولى من نظام الديوان الصادر بمرسوم ملكي رسمياً عام 1981 جاء تعريفه كالآتي «ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة ترتبط مباشرة بجلالة الملك. ويكون مقره مدينة الرياض ويجوز بقرار من رئيس الديوان إنشاء فروع له حسب الحاجة». بحثت عن نظام الديوان بعد أن قرأت الأسبوع الماضي أن وزارة الشؤون الإسلامية «ترفض تنفيذ حكم المظالم بتعويض شركة فسخت عقدها من دون عذر»، وسبب رفضها أنها تصف الحكم ب«الجائر وغير العادل»، كما جاء نصاً في الصحيفة التي تابعت القصة، ثم قرأت هذا الأسبوع للزميل عبده خال أن جامعة الإمام محمد بن سعود لم تنفذ إلى الآن حكماً لديوان المظالم صدر قبل عامين يقضي بإعادة الرسوم التي دفعها طلاب دبلوم اللغة الإنكليزية. بداية، الجهتان، الوزارة والجامعة، قامتا بإنجاز نقلات نوعية في عملهما، فالوزارة أنجزت في ملف الأوقاف مشاريع ومبادرات عدة تعتبر بحق إحياء حقيقياً لهذه الممارسة الشرعية النبيلة، وهي طورت الأنظمة، وكانت حريصة على تعظيم عوائد الأوقاف التي تعود بالنفع على أكثر من طرف، وعلى صعيد المساجد كان لها أيضاً حضور مميز، والجامعة بالمثل قفزت بعد طول جمود نحو عصرنة التعليم وتعظيم الموارد، وزيادة إسهامها في رفعة المجتمع. كل ذلك جميل، لكنه لا يشفع لهما برفض أو عدم تنفيذ أحكام الديوان، بإمكانهما إذا توافرت لديهما الحجة الشرعية والقانونية الرفع لمرجع الديوان، وهو الملك - يحفظه الله - في هذه الحالة، لكن لا يمكنهما، وهما الجهتان المليئتان بطلبة العلم الشرعي، والمحسوبتان بشكل أو بآخر على أنهما جهتان دينيتان، أن تسّنا سنة «تسويف» أو «تعليق» الأحكام الشرعية والقانونية، لأن في هذه الثقافة إذا انتشرت فساداً عظيماً على الأمة، وإخلالاً كبيراً بموازين العدل والإنصاف. لا أخوض في القضيتين محل الخلاف، ولكن أناقش المبدأ، مبدأ أن عليهما، إما الامتثال أو اتباع الإجراء الشرعي والقانوني الذي يجوز لهما. إن مسمى ديوان المظالم يوحي دوماً بالأمان، الأمان من أن تظلمك جهة حكومية، فلا تستطيع أخذ حقك منها، وإذا كان ولي الأمر قد أوكل للديوان رفع المظالم عن المواطنين والمقيمين، فعلى من تصدر عليهم هذه الأحكام طاعة ولي الأمر. أعرف أن إدارة معيّنة في هاتين الجهتين، الإدارة القانونية غالباً، هي المعنية بالأمر، وربما هي التي تنقل الصورة للمسؤول، وربما هي من تمارس تسويف التنفيذ، أو الامتناع عنه، ولكن على رؤسائهم أن يحاسبوا موظفيهم، لأن في ممارستهم تأثيراً كبيراً على الناس، فلا يعقل أن يكون جزء من الحكومة مماطلاً ومسوّفاً في الحقوق التي يحكم بها ديوان المظالم، ولا نود أن يأتي اليوم الذي تعامل فيه أحكام الديوان كما يتم التعامل مع تعميم أو خطاب وارد من إحدى الوزارات. [email protected]