انشغل الوسط السياسي اللبناني أمس بردود الفعل على قراري مجلس التعاون الخليجي ووزراء الداخلية العرب تصنيف «حزب الله» ميليشيا إرهابية، وأخذ قسطاً كبيراً من مناقشات مجلس الوزراء الذي انعقد أمس للبحث في أزمة النفايات، والذي شهد سجالاً بين وزيري الحزب اللذين دانا القرارين، ووزراء من قوى 14 آذار و «اللقاء النيابي الديموقراطي» والمستقلين حول الموقف من القرارين. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن وزير الصناعة حسين الحاج حسن هاجم القرارين واتهم الدول الخليجية بإدعاءات باطلة، فرد عليه عدد من الوزراء رافضين كلامه وحمَلوا على تدخل «حزب الله» في سورية معتبرين أن هذا التدخل أوجد مساحة لإسرائيل في المنطقة. وطلب الوزير نبيل دو فريج شطب كلام الحاج حسن من محضر الجلسة فشطبه رئيس الحكومة تمام سلام. كما أكد الوزراء أن السعودية في اليمن تمارس الدفاع عن النفس في وجه التدخل الإيراني. وأوضحت المصادر الوزارية أن وزير التربية الياس بوصعب دعا إلى تهنئة وزير الخارجية جبران باسيل، لأن موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الاعتراض على قرار وزراء الداخلية العرب في تونس هو الموقف نفسه الذي كان أخذه باسيل في الجامعة العربية، إلا أن عدداً من الوزراء رفضوا المقارنة بين الموقفين، موضحين أن المشنوق وافق على قرار وزراء الداخلية العرب إدانة الاعتداء على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران، ودان كذلك تدخل «حزب الله» العسكري في الدول العربية ووافق على البيان الختامي، وهو نأى بنفسه عن الفقرة التي تصنف الحزب إرهابياً فقط، خلافاً لباسيل الذي نأى بنفسه عن القرار كاملاً. وكانت كتلة نواب «حزب الله» دانت قرار مجلس التعاون الخليجي تصنيف الحزب إرهابياً، فيما استغربه المكتب السياسي لحركة «أمل»، معتبراً أن الحزب «كان ومازال في موقع المقاومة». وكان زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قال إن «النبرة العالية والأفعال السياسية التي يقوم بها بعض الأحزاب بضرب علاقتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي أمر خطير جداً». وطالبت الهيئات الاقتصادية الحريري بالتحرك في اتجاه دول الخليج ولا سيما المملكة العربية السعودية من أجل ترميم العلاقة معها. وفي باريس، التي وصل إليها أمس ولي العهد السعودي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف والتقى وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، على أن يلتقي اليوم الرئيس فرانسوا هولاند، قالت مصادر فرنسية إنه ينتظر أن يثير الأخير معه القرار السعودي وقف المساعدة العسكرية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي بأسلحة فرنسية. ويلتقي الأمير محمد بن نايف أيضاً رئيس الوزراء إيمانويل فالس ونظيره برنار كازنوف. وعلمت «الحياة» من مصادر فرنسية مطلعة على زيارة مبعوثي وزيري الخارجية والدفاع الفرنسيين جان مارك إرولت وجان إيف لودريان إلى السعودية، السفير جيروم بونافون مدير الشرق الأوسط في الخارجية ولوي فاسي مستشار لودريان، أنهما لمسا غضباً شديداً من الجانب السعودي حيال «حزب الله» وممارساته في اليمن وسورية وتدخله مع إيران فيها، وأيضاً من تصريحات الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وهو ما تتفهمه باريس. وأوضحت المصادر ل «الحياة»، أن المبعوثَين الفرنسيَّين التقيا وزير الخارجية عادل الجبير ومساعد ولي ولي العهد، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وأن الجانب السعودي لم يخْفِ أيضاً استياءه من مسؤول عسكري رفيع لأنه ساعد على إخراج الوزير السابق ميشال سماحة الذي يحاكم بتهمة نقل عبوات ناسفة من سورية إلى لبنان لتفجيرها في الشمال، من السجن، ولتصريحاته الأخيرة عن أن ما تقدمه الولاياتالمتحدة الأميركية للجيش اللبناني كاف ولا حاجة لأكثر، وأن موقف وزير الخارجية جبران باسيل بالامتناع عن إدانة الهجوم الإيراني على السفارة السعودية كان الذروة في غضبهم. وتمنى الجانب الفرنسي على المسؤولين السعوديين أن يُبقوا الباب مفتوحاً أمام إمكان العودة إلى تقديم المساعدة للجيش اللبناني كي تتمكن القوات المسلحة اللبنانية من أن تكون مستقلة عن «حزب الله». ولكن السعودية ترى أن الجيش تحت تأثير «حزب الله» وأن ممارسات قيادته لا توحي بالاستقلالية عن الحزب. وقالت المصادر إن الجانب السعودي يعتبر أن المطلوب في الظروف الحالية من اللبنانيين أن يبادروا إلى التحرك لتصحيح الأوضاع.