فيما تواصلت المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية في ريف اللاذقية الشمالي (غرب)، اتجهت الأنظار أمس إلى الأوضاع في مدينة حلب (شمال) حيث يهدد تقدم الوحدات الكردية في منطقة حي الشيخ مقصود بقطع طريق الكاستيلو، المنفذ الأخير بين الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب وبين خطوط الإمداد خارجها. وإذا ما أغلق الأكراد هذه الطريق، فإن المعارضة تكون قد باتت محاصرة في شكل كامل داخل الأحياء الشرقية للمدينة بينما يسيطر النظام على أحيائها الغربية ويطوّقها على أطرافها الجنوبية والشرقية والشمالية. وكانت «قوات سورية الديموقراطية» التي يهمين عليها الأكراد، تسللت الثلثاء من جهة حي الشيخ مقصود في حلب وسيطرت على تلة مطلة على طريق الكاستيلو شريان الإمداد لأحياء المعارضة في المدينة. وأورد موقع «الدرر الشامية» المعارض أن طائرات حربية روسية بدأت أمس بشن غارات على طريق الكاستيلو ودوّار بعيدين بالتزامن مع اشتباكات تدور بين فصائل المعارضة و«قوات سورية الديموقراطية». لكن الموقع نفى معلومات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عن «انقطاع طريق حلب الرئيسي وشريانه الإنساني: الكاستيلو»، موضحاً «أن الطريق ما زال مفتوحاً أمام المدنيين أصحاب السيارات الصغيرة شرط العبور إلى جانب الساتر الترابي الذي أنشأه الثوار لتفادي الطلقات النارية التي تطلقها ميليشيات «سورية الديموقراطية» المتمركزة في حي الشيخ مقصود». وتابع موقع «الدرر» أن «حواجز الثوار تعمل على منع المدنيين من عبور طريق الكاستيلو في بعض الأوقات ويعود السبب إلى قيام الميليشيات باستهداف الطريق بقذائف الهاون، الأمر الذي قد يعرّض حياة العابرين للخطر». أما وكالة «مسار برس» المعارضة فأكدت، أن سيطرة «وحدات الحماية» الكردية (عماد «قوات سورية الديموقراطية») على التلة المطلة على طريق الكاستيلو تعني أنها «قطعت آخر طرق الإمداد لمناطق الثوار في مدينة حلب». وأشارت إلى «أن طريق الكاستيلو أصبح تحت مرمى رشاشات وقناصات ميليشيات وحدات الحماية». وفي الإطار ذاته، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) أن تجمّع «فاستقم كما أمرت» المعارض والناشط في حلب أصدر بياناً حذّر فيه «وحدات الحماية» الكردية من مغبة قطع طريق الكاستيلو. وجاء في البيان أن المقاتلين الأكراد لجأوا منذ بدء سريان الهدنة في سورية يوم السبت الماضي إلى «استهداف طريق الكاستيلو (طريق إمداد حلب الوحيد) بالرشاشات الثقيلة والقناصات حيث تسببوا في اليومين السابقين بقتل مدنيين على الطريق وحرق شاحنة محملة بالمواد الإغاثية... كما أن الطيران الروسي استهدف أيضاً طريق الكاستيلو ومباني السكن الشبابي لمساندتهم في التقدم». وتابع البيان أن «وحدات الحماية» وهي الجناح العسكري لحزب «الاتحاد الديموقراطي الكردي»، تحركت يومي الثلثاء والأربعاء «لاحتلال نقاط استراتيجية في حيي الأشرفية والسكن الشبابي لكن قواتنا تمكنت بفضل الله من ردعهم ومنعهم من احتلال أي نقطة جديدة». وختم البيان: «إننا إذ نوضح حقيقة ما يجري من أعمال عدائية وتجاوزات، نؤكد أنه في حال لم تتوقف عصابات الاتحاد الديموقراطي الكردي (بي واي دي) عن استهدافها طريق الكاستيلو، فإن ردّنا على هذه الاعتداءات لن يقتصر على حالة الدفاع فقط وسيجاوزها لضرب أصل الاعتداء». وأشار المرصد أيضاً إلى «سماع أصوات إطلاق نار ودوي انفجارات عدة في منطقة بني زيد الخاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة شمال حلب»، موضحاً أنها «ناجمة عن استمرار الاشتباكات بين قوات سورية الديموقراطية من طرف، وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وفصائل إسلامية ومقاتلين قوقازيين بقيادة صلاح الدين الشيشاني من طرف آخر، واستهدافات متبادلة بين الطرفين، حيث قضى ستة مقاتلين من الفصائل بالإضافة إلى مقاتلين إثنين من قوات سورية الديموقراطية، فيما سقطت قذائف أطلقتها فصائل إسلامية ومقاتلة على مناطق في حيي الشيخ مقصود والميدان شمال حلب». أما وكالة الأنباء السورية «سانا» الرسمية فذكرت، في تقرير أمس، أن شخصين قُتلا و25 آخرين أصيبوا بجروح «نتيجة استهداف التنظيمات الإرهابية التكفيرية بعدد كبير من القذائف الصاروخية حي الشيخ مقصود في مدينة حلب». وتشير وسائل الإعلام الحكومية السورية إلى فصائل المعارضة المسلحة، لا سيما الإسلامية، بوصفها «إرهابية» أو «تكفيرية». أما تركيا، حليفة فصائل المعارضة، فتصف «وحدات الحماية» الكردية وحزب «الاتحاد الديموقراطي» ب «الإرهاب». وكان نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا في تصريحات أول من أمس في جنيف المقاتلين الأكراد إلى تركيز اهتمامهم على قتال تنظيم «داعش» في سورية وتجنّب محاربة فصائل المعارضة «لأن ذلك سيولّد مشاكل كبيرة»، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة تعتبر تركيا حليفاً وثيقاً. وعلى صعيد ميداني آخر في محافظة حلب، ذكر المرصد أن قذائف أطلقها تنظيم «داعش» سقطت على مناطق في قرية بريغيدة بالريف الشمالي، فيما تعرضت مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم بريف حلب الشمالي الشرقي، لقصف جوي من قبل قوات النظام. وعلى الساحل السوري، قال المرصد إنه «ارتفع إلى 4 على الأقل - أحدهم قيادي في حركة إسلامية - عدد مقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلة الذين قُتلوا خلال الساعات ال 24 الماضية نتيجة قصف واشتباكات في محور كبانة بريف اللاذقية الشمالي، بين غرفة عمليات قوات النظام بقيادة ضباط روس ومشاركة جنود روس، بالإضافة للحرس الثوري الإيراني وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، وجبهة النصرة والفصائل الإسلامية والمقاتلة مدعمة بالحزب الإسلامي التركستاني من طرف آخر». وكان المرصد قد أعلن مقتل ستة من مقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة أول من أمس خلال الاشتباكات ذاتها، بالإضافة إلى مقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام. وفي محافظة إدلب المجاورة، تحدث المرصد عن محاولة مسلحين مجهولين فجر أمس «اغتيال قيادي في ألوية صقور الجبل ببلدة كفرنبل في ريف معرة النعمان الغربي، حيث أطلقوا عليه النار، ما أدى إلى إصابته بجروح، ومن ثم لاذوا بالفرار». وتابع أنه سُمع دوي انفجار في مدينة بنّش «يعتقد بأنه ناجم عن انفجار عبوة ناسفة قرب مقر فصيل مقاتل، من دون معلومات عن خسائر بشرية». أما في محافظة حماة، فقال المرصد إن قوات النظام قصفت مناطق في سهل الغاب بالريف الشمالي الغربي، بالتزامن مع تنفيذ طائرات حربية غارات عدة على مناطق في بلدة السرمانية بسهل الغاب. وفي محافظة حمص المجاورة، نفّذت طائرات حربية غارات على مناطق في بادية مدينة تدمر ومحيطها بريف حمص الشرقي والتي يسيطر عليها تنظيم «داعش» لكن لم ترد معلومات عن خسائر بشرية، وفق ما أورد المرصد. وفي محافظة ريف دمشق، قال المرصد إن قوات النظام فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في طريق خان الشيح - زاكية بريف دمشق الغربي، فيما قُتل عنصر من الفصائل الإسلامية خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الغوطة الشرقية. وتابع أن قذيفتي هاون أطلقتهما قوات النظام سقطتا على مدينة حرستا. وفي شمال شرقي البلاد، ذكر المرصد أنه ارتفع إلى 3 مواطنين بينهم طفلة عدد القتلى الذين سقطوا أول من أمس نتيجة غارات لطائرات حربية لم يعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للتحالف الدولي، على مدينة الرقة، المعقل الرئيسي ل «داعش» في سورية. وأضاف أن 10 عناصر من التنظيم قُتلوا أيضاً بسبب الغارات التي استهدفت مواقع ومقار له في منطقتي الحوض والفروسية بمدينة الرقة. وزاد أن انفجارين وقعا في منطقة سلوك نجما عن استهداف «قوات سورية الديموقراطية» لسيارتين ل «داعش» في هذه المنطقة الواقعة بريف الرقة الشمالي الشرقي، وذلك خلال تمشيط المنطقة عقب الهجوم الذي نفذه التنظيم على البلدة ومواقع فيها. وشيّعت «وحدات الحماية» الكردية أول من أمس 16 من أصل 43 من مقاتليها سقطوا خلال صد الهجوم الذي شنّه «داعش» قبل أيام في ريف الرقة. أما في محافظة الحسكة المجاورة، فأورد المرصد أن اشتباكات اندلعت بين «وحدات الحماية» الكردية من طرف وتنظيم «داعش» من طرف آخر قرب منطقة ال 47 بريف مدينة الشدادي، وسط «أنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين». ونقل المرصد أيضاً معلومات من الحسكة أفادت بأن شاباً مات «تحت التعذيب» في سجون قوات الأمن الداخلي الكردية «الأسايش» في مدينة القامشلي. وفي محافظة دير الزور (شرق سورية)، أورد المرصد أن اجتماعاً عقد في منزل أحد وجهاء قبيلة عربية بقرية حوايج ذياب بالريف الغربي لدير الزور، ضم وجهاء من شيوخ عشائر عربية في المنطقة، ومسؤولين في «مكتب العلاقات العامة» بتنظيم «داعش»، وذلك للبحث في «نقاط استراتيجية» كانت قد نوقشت في اجتماع سابق بين الطرفين في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي. ولم يوضح المرصد ما هي هذه النقاط التي تم بحثها، لكنه ذكّر بأن «داعش» فتح - منذ هجومه على منطقة البغيلية بمدينة دير الزور وسيطرته عليها في 16 كانون الثاني (يناير) الماضي - «باب التطوع والتسجيل لمقاتلين في مكتب العلاقات العامة ... وذلك للقتال إلى جانب التنظيم ضد قوات النظام والمسلحين الموالين لها في معارك دير الزور». وأوضح أن هؤلاء المتطوعين لم يُطلب منهم «مبايعة» التنظيم ولا «الخليفة» الذي يتولى قيادته، مرجّحاً «أن يكون هذا الإجراء الاستثنائي جاء بسبب نقص في عناصر التنظيم، وكمحاولة لدعم قوته في المدينة». باريس ولندن تطالبان دمشقوموسكو بوقف ضرب «المعتدلين» والهجوم على حلب دعت فرنساوبريطانيا الحكومة السورية وحليفتها روسيا إلى وقف الهجمات على المعارضين المدعومين من الغرب فوراً، وقالتا إن على كل الأطراف أن تطبق اتفاق وقف الأعمال القتالية تطبيقاً تاماً وأن تسمح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة من دون تعطيل. وجاء في بيان مشترك بعد قمة بريطانية فرنسية: «نطالب كل الأطراف التي تنتهك حقوق الإنسان بما في ذلك روسيا والنظام السوري أن توقف فوراً الهجمات ضد جماعات المعارضة المعتدلة». وأضاف البيان أن كل الهجمات ضد المدنيين والعاملين في المجال الطبي يجب أن تتوقف وأن على الحكومة السورية وحلفائها أن يوقفوا «مسيرتهم إلى حلب والتي تعرض احتمالات السلام للخطر وتهدد بتفاقم أزمة اللاجئين وتصب في مصلحة الدولة الإسلامية». وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للصحافيين الخميس: «غداً (الجمعة) ستكون لدى قادة بريطانياوفرنسا وألمانيا الفرصة ليقولوا معاً بوضوح للرئيس (فلاديمير) بوتين اننا نريد لوقف اطلاق النار هذا ان يصمد وأن يمهد لانتقال سياسي حقيقي». وفي موسكو، أعلن الكرملين أن الوضع في سورية سيكون بين ابرز ملفات البحث خلال محادثات يجريها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم، مع زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وأوضح الناطق باسمه ديمتري بيسكوف ان المحادثات ستجري عبر جسر تلفزيوني والموضوع السوري «على جدول الأعمال». وكان ملف الهدنة في سورية وآفاق التسوية السياسية بين مسائل البحث خلال زيارة قام بها نائب وزير الخارجية غريغوري كاراسين إلى طهران. وأكد نائب الوزير أمس أن روسيا وإيران «ناقشتا في طهران خلال المشاورات بين وزارتي خارجية البلدين الاربعاء، القضايا المتعلقة بالعلاقات في المنطقة، والتوتر الذي يحاول المجتمع الدولي الآن حله حول سورية». على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الحكومية السورية والتشكيلات الكردية «أبلغت المركز الروسي لتنسيق الهدنة باستمرار الخروق التي تقوم بها أنقرة للهدنة»، وقالت ان القصف المدفعي من الأراضي التركية على مناطق سورية «ما زال مستمراً وروسيا تعتبره استفزازاً مقصوداً». من جهة أخرى قالت الوزارة إنه تم إبرام «اتفاقات للهدنة مع 4 من قادة المعارضة المعتدلة في سورية، والمفاوضات جارية مع 11 تشكيلاً مسلحاً». وأضافت في بيان: «بوساطة روسيا، تستمر المفاوضات مع 11 من التنظيمات المسلحة المرابطة في أرياف دمشق ودرعا وحمص وحلب»، مشيرة إلى تسجيل «خلال ال 24 ساعة (الماضية) 21 خرقاً من قبل المسلحين»، أكثرها في ريف درعا ودمشق وكل من حلب وحماة. ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» في تقرير من موسكو أمس إن المتحدث باسم أسطول البحر الأسود الروسي فياتشيسلاف تروخاتشوف قال إن معمل «بي أم 138» العائم التابع للأسطول سيلتحق بتشكيلة السفن الحربية الروسية في البحر الأبيض المتوسط. وقال تروخاتشوف في تصريح نقلته «سانا»: «البارجة بي أم 138 ستحل محل المعمل العائم الروسي الآخر بي أم 56 المرابط حالياً في مركز التأمين المادي والتقني الروسي بميناء طرطوس الذي يقوم بتقديم خدمات تقنية لمجموعة السفن الروسية المرابطة في البحر المتوسط». ومن المتوقع أن تعود البارجة «بي أم 56» إلى ميناء سيفاستوبل في القرم في منتصف الشهر الجاري. ونقلت الوكالة السورية الرسمية عن «مصدر عسكري ديبلوماسي روسي» أن سفينة الإنزال الروسية الكبيرة «نوفوتشيركاسك» ستصل اليوم إلى ميناء طرطوس وعلى متنها إمدادات للقوات الروسية المرابطة في سورية. وأشار المصدر إلى أن «الجسر البحري الذي أقيم بين ميناءي نوفوروسيسك الروسي في البحر الأسود وطرطوس السوري في البحر المتوسط يعمل منذ انطلاق عملية القوات الجوية الفضائية الروسية في سورية ضد التنظيمات الإرهابية وتنقل عبره الإمدادات من شتى الأنواع». وكانت السفينة «نوفوتشيركاسك» عبرت مضيقي البوسفور والدردنيل ثم توجهت إلى المنطقة الشرقية الجنوبية للمتوسط.