أعلن رئيس وزراء الأردن عبدالله النسور مقتل سبعة مسلحين ورجل أمن في محافظة إربد، شمال المملكة قرب الحدود مع سورية، في اشتباكات بين قوات الأمن وخلية تسعى لزعزعة أمن البلاد «مرتبطة بتنظيمات إرهابية»، فيما أكدت دائرة المخابرات العامة الأردنية إحباط «مخطط إجرامي وتخريبي» مرتبط بتنظيم «داعش» ضد أهداف مدنية وعسكرية في الأردن. وقال النسور في كلمة أمام مجلس النواب أمس أن «عملية أمنية نوعية انتهت فجر هذا اليوم (أمس) ونفذتها قوة خاصة من عدد من مرتبات الأجهزة الأمنية والعسكرية، وحققت هدفها بنجاح بالقضاء على سبعة خارجين على القانون من زمرة ضالة مضللة، جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيمات إرهابية كانت خططت للتعدي على أمن الوطن والمواطنين». وأعلن النسور مقتل النقيب راشد حسين الزيود خلال العملية التي بدأت الثلثاء وانتهت فجر الاربعاء، وإصابة أربعة من رجال الأمن بجروح خفيفة ومتوسطة. وكانت دائرة المخابرات العامة الأردنية أصدرت بياناً أمس ذكرت فيه أنها «تمكنت بعد عمليات متابعة استخبارية حثيثة ودقيقة ومنذ وقت مبكر، من إحباط مخطط إجرامي وتخريبي مرتبط بعصابة داعش الإرهابية كان يهدف للاعتداء على أهداف مدنية وعسكرية داخل المملكة وزعزعة الأمن الوطني». ويأتي هذا الإعلان بعد مواجهات وقعت مساء الثلثاء إثر عمليات دهم نفذتها قوات الأمن بحثاً عن مسلحين يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» في محافظة إربد. وأشار بيان المخابرات إلى «مقتل سبعة عناصر إرهابية كانوا يرتدون أحزمة ناسفة ويطلقون النار على قوات الأمن»، وإلى «ضبط كميات من الأسلحة الرشاشة والذخيرة والمتفجرات والصواعق التي كانت بحوزة عناصر المجموعة الإرهابية». وأضاف ان «الاشتباك نجم عنه استشهاد النقيب البطل راشد حسين الزيود وإصابة خمسة من نشامى قوات الأمن الأردني واثنين من المارة». كما أشار إلى «اعتقال 13 عنصراً متورطاً بالمخطط الإجرامي». وأوضحت المخابرات الأردنية أن «القوات الامنية المختصة قامت بتتبع المجموعة الإرهابية وتحديد مكانها»، بعد ان «اختبأت وتحصنت في إحدى العمارات السكنية في مدينة إربد. وبعد أن رفض الإرهابيون تسليم أنفسهم وأبدوا مقاومة شديدة لرجال الأمن بالأسلحة الاوتوماتيكية، قامت القوات المختصة بالتعامل مع الموقف بالقوة المناسبة». وتقع إربد على مقربة من الحدود السورية التي غالباً ما تشهد عمليات تسلل، سواء بقصد الالتحاق بالجماعات المسلحة في سورية او لتهريب المخدرات. وكان مصدر أمني، فضل عدم الكشف عن اسمه، ذكر أن «المواجهات مع المجموعة المسلحة استمرت ساعات طويلة وامتدت لأكثر من حي داخل مخيم إربد (نحو 80 كلم شمال عمان)». وأضاف ان «العملية انتهت فجر الاربعاء مسفرة عن مقتل ثمانية اشخاص هم رجل أمن وسبعة مسلحين من الجهاديين الذين يشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش». وأكد المصدر «اعتقال 22 مطلوباً اثر المواجهات، جميعهم أردنيون، وتم ضبط أسلحة اتوماتيكية ومواد متفجرة، بما يشير إلى ان المجموعة تتضمن خلية ارهابية قد تكون في طور التحضير لعمل ارهابي في الأردن». وأشار إلى انه «رغم انتهاء المواجهات وانتهاء العملية النوعية، لا تزال الاجهزة الاستخبارية والامنية تتابع عملياتها بشكل موسع لضبط آخرين مرتبطين بالمجموعة». وتعتبر هذه العملية الأمنية الأكبر والأعنف منذ بدء مشاركة الأردن صيف عام 2014 بالتحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش» في العراق وسورية. وفي شباط (فبراير) 2015، أعلن تنظيم «داعش» إعدام طيار أردني حرقاً بعد سقوط طائرته في سورية، وتعهدت عمان بالرد بقسوة. ويرى الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية محمد ابو رمان أن «ما حدث يشكل نقطة تثير المخاوف». وأضاف ان «هذه العملية تشكل نقطة تحول مهمة. فقبلها كان التحدي هو نمو تيار متعاطف مع تنظيم داعش في الأردن وجهته الاساسية كانت سورية والعراق»، مشيراً إلى ان «الوجهة الآن اختلفت». ووفق ابو رمان، «لم تكن هناك عمليات على مستوى نوعي بالنسبة لهذا التيار في الأردن. كل ما كان هناك ذئاب منفردة او تفكير بظاهرة الذئاب المنفردة». ويعتبر ان الاعلان عن ارتباط المجموعة بتنظيم «داعش» يشكل «تطوراً في نمط العلاقة بين الموالين للتيار السلفي الجهادي في الأردن وبين التنظيم الرئيسي (داعش)». وتفيد تقارير بأن الآلاف من ابناء التيار السلفي الجهادي في الأردن انتقلوا للقتال في سورية. ويصف ابو رمان المواجهة العسكرية التي حصلت بأنها «غير مسبوقة»، مضيفاً «من المقلق ان يقوم مطلوبون من أبناء هذا التيار باستخدام هذا الكم من الاسلحة والذخائر. وللمرة الاولى يتم ذكر الأحزمة الناسفة». ويرى ان «هذا مؤشر إلى وجود تفكير جديد لمجموعات تنتمي لهذا التيار في الأردن مختلف عن الفترة السابقة». وشدد الأردن، الذي يقول انه يستضيف نحو 1,3 مليون سوري، منهم 600 الف مسجلون كلاجئين منذ اندلاع الازمة السورية في آذار (مارس) 2011، إجراءاته على حدوده مع سورية واعتقل وسجن عشرات الجهاديين لمحاولتهم التسلل إلى جارته الشمالية للقتال هناك. وعقب سيطرة تنظيم «داعش» على مناطق واسعة في سورية والعراق، شددت المملكة اجراءاتها الامنية ضد «الفكر المتطرف» المنتج للارهاب كجزء من حملتها ضد التنظيم الذي باتت تترصد كل متعاطف معه حتى عبر الانترنت.