أمضى الأردنيون ليل الثلثاء - الأربعاء يترقبون المواجهة الدامية التي خاضتها قوة أمنية خاصة مع مجموعة تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في مدينة إربد، شمال البلاد، وأسفرت عن مقتل رجل أمن وسبعة من المسلحين، الأمر الذي جدد المخاوف من انتقال أعمال التنظيم المتطرف، الناشط في سورية والعراق، إلى المملكة. وأعلنت دائرة المخابرات الأردنية أنها أحبطت «مخططاً إجرامياً وتخريبياً مرتبطاً بعصابة داعش الإرهابية يهدف الى الاعتداء على أهداف مدنية وعسكرية داخل المملكة وزعزعة الأمن الوطني». وتعتبر هذه العملية الأمنية الأكبر والأعنف منذ بدء مشاركة الأردن صيف العام 2014 في التحالف الدولي الذي يحارب «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية. وولّدت المشاركة الأردنية في التحالف الدولي قلقاً لدى جزء من الشارع الأردني، خوفاً من الانتقام وانتقال أعمال التنظيم الإرهابية إلى المملكة، خصوصاً بعد مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة في شباط (فبراير) 2015 على يد التنظيم، وما تبعها من شن غارات جوية مكثفة ضد التنظيم في سورية، وإعدام ساجدة الريشاوي، الانتحارية العراقية التي كان «داعش» طالب بإطلاق سراحها من السجون الأردنية، وإعدام العراقي زياد الكربولي المنتمي إلى «القاعدة». وتسبب قتل الكساسبة آنذاك بصدمة كبيرة وحال من الذهول والغضب الشديد في الأردن، من عائلة الطيار إلى الرأي العام، بالإضافة الى الحكومة التي أعلنت أن الطيار إنما أُعدم في كانون الثاني (يناير) 2015. وكان حُكم بالإعدام صدر على الريشاوي في 21 أيلول (سبتمبر) 2006 لإدانتها عن دورها في هجوم انتحاري العام 2005، فيما اعتقل الكربولي المتهم بالانتماء إلى تنظيم «القاعدة» في أيار (مايو) 2006، وقضت محكمة أمن الدولة الأردنية في الخامس من آذار (مارس) 2007 بإعدامه. وتوقّع خبراء عسكريون العام الماضي في تصريحات إلى «الحياة»، أن «يكون الأردن بعد معاذ الكساسبة مختلفاً كثيراً لناحية الحرب على الإرهاب، فقد أصبح للأردنيين ثأر خاص مع داعش». وكان مصدر أمني فضل عدم الكشف عن اسمه، أفاد وكالة «فرانس برس» اليوم، باعتقال «22 مطلوباً إثر المواجهات في إربد، جميعهم أردنيون»، ما يفتح باب التساؤلات مجدداً حول أعداد الأردنيين المنخرطين في تنظيمات متطرفة، وتحديداً في سورية والعراق، بالإضافة إلى المتعاطفين معهم في الداخل الأرني، لا سيما أن استطلاعاً للرأي نفذه «مركز الدراسات الاستراتيجية» في الجامعة الأردنية في أيلول (سبتمبر) 2014 كشف عن أن 7 في المئة من الأردنيين متعاطفون عقائدياً مع «داعش». وفي 23 تموز (يوليو) 2014، أصدر أنصار «التيار السلفي» في الأردن بياناً بايعوا فيه زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، داعين «المقاتلين الأردنيين تحت لواء جبهة النصرة في درعا والغوطة، إلى مبايعة داعش والتخلي عن النصرة»، إلا أن الداعية الأردني المتشدد والقيادي البارز في التيار السلفي عمر محمود عثمان المعروف باسم «أبو قتادة»، والذي كان يوصف في الماضي بأنه «سفير بن لادن في أوروبا»، شن في العام 2014 هجوماً عنيفاً على «داعش» والبغدادي، رافضاً «خلافته» المزعومة. من جانبها، أصدرت «جمعية جماعة الإخوان المسلمين» في الأردن بياناً اليوم، دانت فيه استخدام العنف ورفع السلاح في وجه الدولة، مؤكدة أن «أمن البلد واستقراره خط أحمر، وأن الفكر الوسطي والمعتدل السمح لدينا هو المنهج الحقيقي الذي جاء به الاسلام وأن الغلو والتطرف من شأنه تشويه سماحة الاسلام الذي جاء رحمة لكل الناس». وشارك العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بعد ظهر اليوم، في تشييع النقيب راشد حسين الزيود الذي قضى في العملية، وترحم الملك الأردني عبر حساب الديوان الملكي الهاشمي على «فايسبوك» على روح «الشهيد الطاهرة»، قائلاً: «ابني راشد الزيود، يشيعك الأردن شهيداً في قوافل المجد من رفاق السلاح، ممن صدقوا عهدهم مع الله والوطن. إن تضحيتك ليست غريبة على الأردنيين، ولا على أبناء جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية. رحم الله الشهيد وحفظ الوطن».