أثار قرار إيران تخصيص آلاف الدولارات لعائلات فلسطينيين استشهدوا خلال موجة العنف الذي تشهدها إسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حفيظة السلطة الفلسطينية التي اعتبرته «تدخلاً» في الشؤون الداخلية. ونقلت الصحف الفلسطينية أمس عن الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة قوله: «كان الأجدى أن ترسل إيران الأموال في شكل رسمي إلى مؤسسة الشهداء والأسرى... بدل اللجوء إلى طرق ملتوية ووسائل غير مشروعة». وكان السفير الإيراني في بيروت محمد فتحعلي أكد الأربعاء أن إيران ستقدم 7 آلاف دولار لعائلة كل فلسطيني قتل خلال «انتفاضة القدس»، إضافة إلى تقديم «مساهمة مالية بقيمة 30 ألف دولار لكل أسرة هدم الاحتلال منزلها لمشاركة أحد أبنائها في انتفاضة القدس». واعتبر أبو ردينة أن تصريحات السفير «غير مقبولة ومرفوضة، وليست تجاوزاً للشرعية الفلسطينية فقط، بل خرق لكل القوانين، بما فيها القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول، كما أنها تعتبر تدخلاً مرفوضاً في الشؤون الداخلية الفلسطينية والعربية». وكان عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عباس زكي الذي زار طهران أخيراً، أعلن أن إيران أبدت استعداداً ل «التكفل بأسر شهداء انتفاضة القدس، وإعمار البيوت التي دمرتها إسرائيل»، مبدياً ترحيب حركته بهذا الدعم المالي. غير أن الرئاسة الفلسطينية سارعت فوراً إلى الإعلان في بيان أول من أمس أن زكي «لا يمثل إلا نفسه، ولا يمثل منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية في ما يتعلق بتصريحاته عن دعم إيران لأسر الشهداء». وأكد اقتصاديون فلسطينيون لوكالة «فرانس برس» أن العرض الإيراني يطرح أسئلة عن كيفية إدخال الأموال، وعلاقة ذلك بقوانين مكافحة الإرهاب الدولية. وكانت إسرائيل اتهمت طهران الخميس بأنها «تواصل دعمها الإرهاب الفلسطيني وحماس والإرهاب الذي يمارسه حزب الله». في هذا الصدد، أشار زكي إلى أنه خلال الزيارة، جرى الاتفاق على أن تحدد آلية توزيع الأموال لاحقاً، مضيفاً: «بعد ذلك، التقت القيادة الإيرانية الفصائل الفلسطينية في لبنان، وهي الجبهة الديموقراطية، والشعبية، والقيادة العامة، وحماس، والجهاد الإسلامي»، مشيراً إلى أن «فتح لم تكن حاضرة خلال هذا الاجتماع». وتابع: «تفاجأنا بوضع هذه الآلية مع الفصائل من دون علمنا... لم نطلع على الآلية، ولم نشارك في اجتماع بيروت الذي تم فيه وضع تلك الآلية لتوزيع هذه المبالغ للشهداء». ولمحت مصادر أمنية إسرائيلية أمس إلى إمكان اعتقال زكي في حال ثبت تورطه في عمليات تمويل عبر إيران لشهداء الانتفاضة وجرحاها أو الذين هدمت بيوتهم. ونقلت إذاعة الجيش عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن بعض عناصر «فتح» وذراعها العسكرية «كتائب الأقصى»، يقيم علاقات مع طهران ويُمول بصورة مباشرة منها. وأضافت أن تل أبيب تنظر بعين الخطورة إلى إمكان تورّط التيار الرسمي في السلطة في تمويل نشاطات من شأنها أن تشجع على العمليات ضد إسرائيليين، سواء في الضفة أو داخل الدولة العبرية. وأوضحت أن السلطة تداركت خطورة الموضوع وبادرت إلى النأي بنفسها عن تصريحات زكي، مشيرة إلى أن إسرائيل لن تتوانى عن اتخاذ أي إجراءات ضد أي قيادات فلسطينية «يثبت تورطها في دعم العنف والإرهاب».